الْعِلْمِ يَقُولُونَ) إلخ .. من أول سورة آل عمران [٧].
وفي صلة الموصول من قوله (ما لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً) تعريض باللوم على الاستعجال وعدم الصبر إلى أن يأتيه إحداث الذكر حسبما وعده بقوله (فَلا تَسْئَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْراً).
والمساكين : هنا بمعنى ضعفاء المال الذين يرتزقون من جهدهم ويرق لهم لأنهم يكدحون دهرهم لتحصيل عيشهم. فليس المراد أنهم فقراء أشدّ الفقر كما في قوله تعالى:(إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ) [التوبة : ٦٠] بل المراد بتسميتهم بالفقراء أنهم يرق لهم كما قال الحريري في المقامة الحادية والأربعين : «... مسكين ابن آدم وأيّ مسكين».
وكان أصحاب السفينة هؤلاء عملة يأجرون سفينتهم للحمل أو للصيد.
ومعنى : (وَكانَ وَراءَهُمْ مَلِكٌ) : هو ملك بلادهم بالمرصاد منهم ومن أمثالهم يسخّر كل سفينة يجدها غصبا ، أي بدون عوض. وكان ذلك لنقل أمور بناء أو نحوه مما يستعمله الملك في مصالح نفسه وشهواته ، كما كان الفراعنة يسخرون الناس للعمل في بناء الأهرام.
ولو كان ذلك لمصلحة عامة للأمة لجاز التسخير من كلّ بحسب حاله من الاحتياج لأنّ ذلك فرض كفاية بقدر الحاجة وبعد تحققها.
ووراء اسم الجهة التي خلف ظهر من أضيف إليه ذلك الاسم ، وهو ضد أمام وقدّام.
ويستعار (الوراء) لحال تعقب شيء شيئا وحال ملازمة طلب شيء شيئا بحق وحال الشيء الذي سيأتي قريبا ، كلّ ذلك تشبيه بالكائن خلف شيء لا يلبث أن يتصل به كقوله تعالى : (مِنْ وَرائِهِمْ جَهَنَّمُ) في [الجاثية : ١٠].
وقال لبيد :
أليس ورائي أن تراخت منيتي |
|
لزوم العصا تحنى عليها الأصابع |
وبعض المفسرين فسروا (وَراءَهُمْ مَلِكٌ) بمعنى أمامهم ملك ، فتوهم بعض مدوني اللغة أن (وراء) من أسماء الأضداد ، وأنكره الفراء وقال : لا يجوز أن تقول للذي بين يديك هو وراءك ، وإنما يجوز ذلك في المواقيت من الليالي تقول : وراءك برد شديد ، وبين يديك برد شديد. يعني أنّ ذلك على المجاز. قال الزجاج : وليس من الأضداد كما زعم بعض أهل اللّغة.