وزيادة الهدى يجوز أن يكون تقوية هدى الإيمان المعلوم من قوله : (آمَنُوا بِرَبِّهِمْ) بفتح بصائرهم للتفكير في وسائل النجاة بإيمانهم وألهمهم التوفيق والثبات ، فكل ذلك هدى زائد على هدى الإيمان.
ويجوز أن تكون تقوية فضل الإيمان بفضل التقوى كما في قوله تعالى : (وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زادَهُمْ هُدىً وَآتاهُمْ تَقْواهُمْ) [محمد : ١٧].
والزيادة : وفرة مقدار شيء مخصوص ، مثل وفرة عدد المعدود ، ووزن الموزون ، ووفرة سكان المدينة.
وفعل (زاد) يكون قاصرا مثل قوله تعالى : (وَأَرْسَلْناهُ إِلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ) [الصافات : ١٤٧] ، ويكون متعديا كقوله : (فَزادَهُمُ اللهُ مَرَضاً) [البقرة : ١٠]. وتستعار الزيادة لقوة الوصف كما هنا.
والربط على القلب مستعار إلى تثبيت الإيمان وعدم التردد فيه ، فلما شاع إطلاق القلب على الاعتقاد استعير الربط عليه للتثبيت على عقده. كما قال تعالى : (لَوْ لا أَنْ رَبَطْنا عَلى قَلْبِها لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) [القصص : ١٠]. ومنه قولهم : هو رابط الجأش. وفي ضده يقال : اضطرب قلبه ، وقال تعالى : (وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَناجِرَ) [الأحزاب : ١٠]. استعير الاضطراب ونحوه للتردد والشك في حصول شيء.
وتعدية فعل (رَبَطْنا) بحرف الاستعلاء للمبالغة في الشد لأن حرف الاستعلاء مستعار لمعنى التمكن من الفعل.
و (إِذْ قامُوا) ظرف للربط ، أي كان الربط في وقت في قيامهم ، أي كان ذلك الخاطر الذي قاموا به مقارنا لربط الله على قلوبهم ، أي لو لا ذلك لما أقدموا على مثل ذلك العمل وذلك القول.
والقيام يحتمل أن يكون حقيقيا ، بأن وقفوا بين يدي ملك الروم المشرك ، أو وقفوا في مجامع قومهم خطباء معلنين فساد عقيدة الشرك. ويحتمل أن يكون القيام مستعارا للإقدام والجسر على عمل عظيم ، وللاهتمام بالعمل أو القول ، تشبيها للاهتمام بقيام الشخص من قعود للإقبال على عمل ما ، كقول النابغة :
بأن حصنا وحيا من بني أسد |
|
قاموا فقالوا حمانا غير مقروب |
فليس في ذلك قيام بعد قعود بل قد يكونون قالوه وهم قعود.