تأكل ؟ فقلت : أيها الأمير هذا شهر رمضان ولست بمريض ولا بي علةٌ توجب الإفطار ، ولعل الأمير له عذر في ذلك أو علة توجب الإفطار ! فقال : ما بي علةٌ توجب الإفطار وإني لصحيح البدن ، ثم دمعت عيناه وبكى ! فقلت له بعد ما فرغ من طعامه : ما يبكيك أيها الأمير ؟ فقال : أنفذ هارون الرشيد وقت كونه بطوس في بعض الليل أن أجب ، فلما دخلت عليه رأيته بين يديه شمعة تتقد وسيفاً أخضر مسلولاً ، وبين يديه خادم واقف . فلما قمت يديه رفع رأسه إليَّ فقال : كيف طاعتك لأمير المؤمنين ؟ فقلت : بالنفس والمال ! فأطرق ثم أذن لي في الانصراف ، فلم ألبث في منزلي حتى عاد الرسول إليَّ وقال : أجب أمير المؤمنين ، فقلت في نفسي : إنا لله ، أخاف يكون قد عزم على قتلي وإنه لما رآني استحيا مني ! وقعدت إلى بين يديه فرفع رأسه إليَّ فقال : كيف طاعتك لأمير المؤمنين ؟ فقلت : بالنفس والمال والأهل والولد ! فتبسم ضاحكاً ، ثم أذن لي في الإنصراف ، فلما دخلت منزلي لم ألبث أن عاد إليَّ الرسول فقال : أجب أمير المؤمنين ، فحضرت بين يديه وهو على حاله ، فرفع رأسه إليَّ وقال لي : كيف طاعتك لأمير المؤمنين ؟ فقلت : بالنفس والمال والأهل والولد والدين ! فضحك ثم قال لي : خذ هذا السيف وامتثل ما يأمرك به الخادم !
قال : فتناول الخادم السيف وناولنيه وجاء بي إلى بيت بابه مغلق ففتحه ، فإذا فيه بئر في وسطه وثلاثة بيوت أبوابها مغلقة ، ففتح باب بيت منها فإذا فيه عشرون نفساً عليهم الشعور والذوائب ، شيوخ وكهول وشبان ، مقيدون .