فانطلق وجهه وسُرَّ . فقال له يحيى : يا أمير المؤمنين قد غضضت من الفضل بلعنك إياه فشرفه بإزالة ذلك ، فأقبل على الناس فقال : إن الفضل قد عصاني في شئ فلعنته وقد تاب وأناب إلى طاعتي فتولوه . فقالوا نحن أولياء من واليت وأعداء من عاديت وقد توليناه ! ثم خرج يحيى بن خالد بنفسه على البريد حتى أتى بغداد ، فماج الناس وأرجفوا بكل شئ فأظهر أنه ورد لتعديل السواد والنظر في أمر العمال ، وتشاغل ببعض ذلك ، ودعا السندي فأمره فيه بأمره ، فامتثله » !
٣ ـ لماذا غضب هارون على وزيره الفضل بن يحيى ؟
كان هارون يرى أن تعاطف وزيره الفضل بن يحيى مع الإمام الكاظم عليهالسلام وامتناعه عن تنفيذ أمره في التضييق عليه ثم بقتله ، أمر خطير ، بل خيانة عظمى للنظام العباسي وشخص الخليفة ! وذلك بعكس مخالفة ابن عمه والي البصرة وبعكس مخالفة غلامه الفضل بن الربيع !
والسبب أن البرامكة بنفوذهم في الدولة ، بإمكانهم أن يقوموا بانقلاب ويقتلوا هاروناً ، ويبايعوا لموسى بن جعفر عليهالسلام ، أو لأي عباسي ، أو علوي !
ومما زاد غضب هارون على الفضل ، أن أباه وأخاه جعفر كانا عدوين لدودين للإمام موسى بن جعفر عليهالسلام ، وما زالا يحركان هارون ضده ويعملان لقتله !
ولم يشفع للفضل أنه أخ هارون بالرضاعة ، فقد نشأ في بيت يحيى البرمكي ، وكان هارون يخاطب يحيى بن خالد : يا أبت ، ويخاطب ولده الفضل : يا أخي » . ( وفيات الأعيان : ٤ / ٢٧ ، وتاريخ بغداد : ١٢ / ٣٣٢ ، والطبري : ٦ / ٤٤١ ) .