ونحن يومئذ سبعة
آلاف ، فبعث إليه : على أن تؤمّن أصحابي. ففعل ، فقام فحمد الله ، وأثنى عليه ، ثمّ
قال : إنّ الله وليّ الأمور كلّها ، وحاكمها ، ما شاء الله كان ، وما لم يشأ لم يكن
، كلّ ما هو آت قريب ، عجلتم بالأمر قبل نزوله ، والّذي نفسي بيده إنّ في أصلابكم
لمن يقاتل مع آل محمد ما يخفى على أهل الشّرك أمر آل محمد ، وأمر آل محمد مستأخر ،
والّذي نفس محمد بيده ليعودنّ فيهم كما بدأ ، الحمد لله الّذي حقن دماءكم ، وأحرز دينكم ، من أحبّ
منكم أن يأتي مأمنه إلى بلده آمنا محفوظا فليفعل. فبقي معه تسعمائة رجل ، فأحرم
بعمرة وقلّد هديا ، فلمّا أردنا أن ندخل الحرم تلقّتنا خيل ابن الزّبير ، فمنعتنا
أن ندخل ، فأرسل إليه محمد : لقد خرجت وما أريد أن أقاتلك ، ورجعت وما أريد أن
أقاتلك ، دعنا ندخل ، فلنقض نسكنا ، ثم نخرج عنك. فأبى ، ومعنا البدن قد قلّدناها ،
فرجعنا إلى المدينة ، فكنّا بها حتى قدم الحجّاج ، وقتل ابن الزّبير ، ثم سار إلى
العراق ، فلمّا سار مضينا فقضينا نسكنا ، وقد رأيت القمل يتناثر من محمد بن
الحنفيّة ، ثم رجعنا إلى المدينة ، فمكث ثلاثة أشهر ، ثمّ توفّي .
قلت : هذا خبر صحيح ، وفيه أنّهم قضوا نسكهم بعد عدّة سنين.
وقال ابن شعبان :
أنبأ محمد بن عمر ، ثنا عبد الله بن جعفر ، عن صالح بن كيسان ، عن الحسن بن محمد
بن الحنفيّة قال : لم يبايع أبي الحجّاج لما قتل ابن الزّبير ، فبعث إليه : قد قتل
عدوّ الله. فقال أبي : إذا بايع الناس بايعت. قال : والله لأقتلنّك ، قال : إنّ
لله في كلّ يوم ثلاثمائة وستّين لحظة ، في كلّ لحظة منها ثلاثمائة وستّون قضية ، فلعلّه
أن يكفيناك في قضية. قال : فكتب بذلك الحجّاج إلى عبد الملك ، فأتاه كتابه فأعجبه ،
وكتب به إلى صاحب الروم ، وذلك أنّ ملك الروم كتب إليه يتهدّده ، أنّه قد جمع له
جموعا كثيرة .
__________________