قال ابن سعد (١) : هو أوّل من تكلّم في الإرجاء ، وكان من ظرفاء بني هاشم وعقلائهم ، ولا عقب له. وأمّه جمال بنت قيس بن مخرمة بن المطّلب بن عبد مناف بن قصيّ.
قلت : الإرجاء الّذي تكلّم به معناه أنّه يرجئ أمر عثمان وعليّ إلى الله ، فيفعل فيهم ما يشاء ، ولقد رأيت أخبار الحسن بن محمد في «مسند عليّ» رضياللهعنه ليعقوب بن شيبة ، فأورد في ذلك كتابه في الإرجاء ، وهو نحو ورقتين ، فيها أشياء حسنة ، وذلك أنّ الخوارج تولّت الشّيخين ، وبرئت من عثمان وعليّ ، فعارضتهم السّبائيّة ، فبرئت من أبي بكر ، وعمر ، وعثمان ، وتولّت عليّا وأفرطت فيه ، وقالت المرجئة الأولى : نتولّى الشيخين ونرجئ عثمان وعليّا فلا نتولّاهما ولا نتبرّأ منهما.
وقال محمد بن طلحة الياميّ : قال : اجتمع قرّاء الكوفة قبل الجماجم فأجمع رأيهم على أنّ الشهادات والبراءات بدعة ، منهم أبو البختريّ.
وقال إبراهيم بن عيينة ، ثنا عبد الواحد بن أيمن قال : كان الحسن بن محمد إذا قدم مكّة نزل على أبي ، فيجتمع عليه إخوانه ، فيقول لي : اقرأ عليهم هذه الرسالة ، فكنت اقرأها : أمّا بعد ، فإنّا نوصيكم بتقوى الله ونحثّكم على أمره ، إلى أن قال : ونضيف ولايتنا إلى الله ورسوله ، ونرضى من أئمّتنا بأبي بكر ، وعمر أن يطاعا ، ونسخط أن يعصيا ، ونرجئ أهل الفرقة ، فإنّ أبا بكر ، وعمر ، لم تقتتل فيهما الأمّة ، ولم تختلف فيهما الدّعوة ، ولم يشكّ في أمرهما ، وإنّما الإرجاء فيما غاب عن الرجال ولم يشهدوه ، فمن أنكر علينا الإرجاء وقال : متى كان الإرجاء؟ قلنا : كان على عهد موسى ، إذ قال له فرعون : (فَما بالُ الْقُرُونِ الْأُولى * قالَ عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي فِي كِتابٍ) (٢) ، إلى أن قال : منهم شيعة متمنّية ينقمون المعصية على أهلها ويعملون بها ، اتّخذوا أهل بيت من العرب إماما ، وقلّدوهم دينهم ، يوالون على حبّهم ، ويعادون
__________________
(١) في الطبقات ٦ / ٣٢٨.
(٢) سورة طه ـ الآية ٥١ / ٥٢.