وكتب هشام إلى عبد الملك بخلافه ، فكتب إليه عبد الملك يلومه فيما صنع به ، ويقول : سعيد كان والله أحوج إلى أن تصل رحمه من أن تضربه ، وإنّا لنعلم ما عند سعيد شقاق ولا خلاف (١).
وعن عبد الله بن يزيد الهذلي قال : دخلت على سعيد بن المسيّب السجن ، فإذا هو قد ذبحت له شاة ، فجعل الإهاب على ظهره ، ثم جعلوا له بعد ذلك قصبا رطبا ، وكان كلّما نظر إلى عضديه قال : اللهمّ انصرني من هشام (٢).
وروي أنّ أبا بكر بن عبد الرحمن دخل على سعيد السجن ، فجعل يكلّمه ويقول : إنّك خرقت به ولم ترفق ، فقال : يا أبا بكر اتّق الله وآثره على ما سواه ، وأبو بكر يقول : إنك خرقت به ، فقال : إنك والله أعمى البصر والقلب ، ثم ندم هشام بعد وخلّى سبيله (٣).
وقال يوسف بن يعقوب الماجشون ، عن المطّلب بن السائب قال : كنت : جالسا مع سعيد بن المسيّب بالسوق ، فمرّ بريد لبني مروان ، فقال له سعيد : من رسل بني مروان أنت؟ قال : نعم. قال : فكيف تركتهم؟ قال : بخير. قال : تركتهم يجيعون الناس ويشبعون الكلاب؟ قال : فاشرأبّ الرسول ، فقمت إليه ، فلم أزل أرجيه (٤) حتى انطلق ، ثم قلت لسعيد : يغفر الله لك ، تشيط بدمك بالكلمة هكذا تلقيها ، قال : اسكت يا أحيمق ، فو الله لا يسلمني الله ما أخذت بحقوقه (٥).
وقال سلام بن مسكين : ثنا عمران بن عبد الله قال : أرى نفس سعيد ابن المسيّب كانت أهون عليه في الله من نفس ذباب (٦).
وعن عليّ بن الحسين زين العابدين قال : سعيد بن المسيّب أعلم الناس بما
__________________
(١) الطبقات ٥ / ١٢٥ ـ ١٢٦ ، سير أعلام النبلاء ٤ / ٢٣٠.
(٢) الطبقات ٥ / ١٢٦
(٣) الطبقات ٥ / ١٢٧.
(٤) في تذكرة الحفاظ ١ / ٥٥ «أزجّيه».
(٥) التذكرة ١ / ٥٥.
(٦) حلية الأولياء ٢ / ١٦٤.