وقال عبد الله بن شوذب : كان عروة يقرأ ربع القرآن كلّ يوم في المصحف نظرا ، ويقوم به الليل ، فما تركه إلّا ليلة قطعت رجله ، وكان وقع فيها الأكلة فنشرها ، وكان إذا كان أيام الرّطب يثلم حائطه ، ثم يأذن للنّاس فيدخلون فيأكلون ويحملون (١).
وقال معمر ، عن الزّهري قال : وقعت في رجل عروة الآكلة فصعدت في ساقه ، فدعا به الوليد ، ثم أحضر الأطبّاء وقالوا : لا بدّ من قطع رجله ، فقطعت ، فما تضوّر وجهه (٢).
وقال عامر بن صالح ، عن هشام بن عروة : إنّ أباه خرج إلى الوليد بن عبد الملك ، حتى إذا كان بوادي القرى ، وجد في رجله شيئا فظهرت به قرحة ، ثم ترقّى به الوجع فلما قدم على الوليد قال : يا أبا عبد الله أقطعها. قال : دونك ، فدعا له الطبيب وقال له : اشرب المرقد (٣). فلم يفعل ، فقطعها من نصف السّاق ، فما زاد على أن يقول : حسّ حسّ. فقال الوليد : ما رأيت شيخا قطّ أصبر من هذا.
وأصيب عروة في هذا السفر بابنه محمد ، ركضته بغلة في إصطبل ، فلم نسمع منه كلمة في ذلك ، فلما كان بوادي القرى قال : (لَقَدْ لَقِينا مِنْ سَفَرِنا هذا نَصَباً) (٤) اللهمّ كان لي بنون سبعة فأخذت منهم واحدا وأبقيت لي ستّة ، وكان لي أطراف أربعة فأخذت طرفا وأبقيت ثلاثة ، فإن ابتليت لقد عافيت ، ولئن أخذت لقد أبقيت (٥).
ولهذه الحكاية طرق.
وعن عبد الله بن عروة أنّ أباه نظر إلى رجله في الطّست فقال : الله
__________________
(١) حلية الأولياء ٢ / ١٧٨.
(٢) حلية الأولياء ٢ / ١٧٩.
(٣) هو دواء يجعل من يشربه يرقد.
(٤) سورة الكهف ـ الآية ٦٢.
(٥) انظر جمهرة نسب قريش ٢٨٣ ، المعرفة والتاريخ ١ / ٥٥٣ ، حلية الأولياء ٢ / ١٧٩ ، سير أعلام النبلاء ٤ / ٤٣٠ ـ ٤٣١.