الدلائل ، لانه لو لم يكن عليه دلالة ، لزم التكليف بما لا طريق للمكلف إلى العلم به ، وهو تكليف بما لا يطاق ، ولو كان عليه دلالة غير تلك الادلة ، لما كانت أدلة الشرع منحصرة فيها ، لكن بينا انحصار الاحكام في تلك الطرق ، وعند هذا يتم كون ذلك دليلا على نفي الحكم » انتهى كلامه في كتابه الاصول (١).
ولا يخفى أن بيان هاتين المقدمتين مما لا سبيل إليه إلا فيما تعم به البلوى.
أما الاول : ـ وهو عدم السبيل إلى البيان فيما لا تعم به البلوى ـ فلان جل أحكامنا ـ معاشر (٢) الشيعة ـ بل كلها ، متلقاة من الائمة الطاهرة ، صلوات الله عليهم اجمعين ، وظاهر أنهم عليهمالسلام لم يتمكنوا من إظهار جميع الاحكام ، وما أظهروه لم يتمكنوا من إظهاره على ما هو عليه في نفس الامر ، للتقية ـ على أنفسهم وعلى شيعتهم ـ من الحكام الظلمة والحسدة الكفرة (٣).
نعم ، هذا.
إنما (٤) يتم عند المخالفين ، القائلين : بأن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أظهر كل ما جاء به عند أصحابه ، وتوفرت الدواعي على أخذه ونشره ، ولم تقع بعده فتنة أوجبت إخفاء بعضه ، ويجوز خلو بعض الوقائع عن الحكم الشرعي ، فحينئذ : إذا تتبع الفقيه ولم يجد دليلا على واقعة ، علم (٥) انتفاء الحكم الشرعي فيها في نفس الامر.
وهذا عندنا باطل ، لان النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أودع كل ما جاء به عند عترته الطاهرين صلوات الله عليهم اجمعين مما يحتاج إليه الناس إلى يوم القيامة ،
__________________
١ ـ المسمى ب : معارج الاصول ، راجع ص ٢١٢ ـ ٢١٣ منه.
٢ ـ في أ و ب و ط : معشر.
٣ ـ في ط : والكفرة.
٤ ـ كلمة ( انما ) : اضافة من أ وط.
٥ ـ في ط : جزم على انتفاء إلى آخره.