وأيضا : على هذا يلزم معذورية من صلى مع البول مثلا ، عالما بأنه بول غير المأكول ، إذا جهل نجاسة البول.
فيجب أن يكون المراد من الحديث معذورية الجاهل بإصابة النجاسة لثوبه أو بدنه أو نحو ذلك ، لا معذورية الجاهل مطلقا.
قلت :
أولا : بإمكان التزام معذورية الجاهل بالنجاسة مطلقا ، من غير فحص لهذه الروايات.
وثانيا : بالتزام معذورية الجاهل بالنجاسة مطلقا ، إذا كان غافلا عن الحكم بالكلية ، وعدم معذورية من سمع الحكم مثل نجاسة البول ، وإن لم يصدق به ، بل حينئذ يلزمه التفحص حتى يظهر عليه الحكم الواقعي ، ولو بعدم الاطلاع على النجاسة بعد الفحص ، فإن مقتضاه الحكم بالطهارة.
وثالثا : بأن ظاهر هذا الحديث ، وإن اقتضى عدم وجوب الفحص مطلقا ، إلا أنه مخصص بما دل على لزوم الفحص عن المعارض ، في حق المجتهد في نفس الحكم ، حتى يجوز له الحكم بالطهارة.
ورابعا : بالتزام لزوم الفحص ، سواء جهل بأصل النجاسة ، أو بإصابتها ، إذا كان موجبا للجهل بحكم الله ، لانه من قبيل الاجتهاد ، فمن علم أن ظن النجاسة لا اعتبار به شرعا ، لا يلزمه الفحص عن ثوبه ، هل أصابته النجاسة؟ أو لا؟ وقد دل عليه بعض الروايات ، ومن لم يعلم ذلك ، وظن نجاسة ثوبه ، لا يبعد أن يقال : إنه يلزمه السؤال إن كان عاميا ، والفحص عن أنه هل ورد الشرع باجتناب مثل ذلك؟ أو لا؟ إن كان مجتهدا.
واعلم : أن الشهيد الاول قال في قواعده : « البناء على الاصل ، وهو استصحاب ما سبق ، أربعة أقسام :
أحدها : استصحاب النفي في الحكم الشرعي ، إلى أن يرد دليل ، وهو المعبر عنه بالبراءة الاصلية.