يمكن التعويل عليها ، لضعفها ، كما يقال : على تقدير عدم وجوب المقدمة ، يكون تركها جائزا ، فإذا تركت : فإن بقي التكليف بذي المقدمة حينئذ ، كان تكليفا بما لا يطاق ، وإلا فيلزم خروج الواجب عن كونه واجبا ، وهو محال (١) ، وهذا الدليل عمدة أدلتهم ، وعليه يدور أكثر أدلتهم.
والجواب : أن هذا الواجب لا يخلو : إما أن يكون مؤقتا؟ أم لا؟ وعلى الاول : فإن تضيق الوقت ، بحيث لو أتى بالمقدمة ، لا يمكن الاتيان بذي المقدمة إلا فيما بعد وقته ، كالحج في المحرم مثلا ، فنختار عدم بقاء التكليف.
قوله : « يلزم خروج الواجب عن كونه واجبا ».
قلنا : نعم ، يلزم أن لا يكون الواجب المؤقت واجبا بعد وقته ، ولا فساد فيه ، فإن الحج مثلا في غير ذي الحجة ليس واجبا.
فإن قلت : نحن نقول : من استطاع الحج (٢) ، وترك المشي إليه بغير عذر ، وطلع عليه هلال ذي الحجة ، وهو في بلدة بعيدة لا يمكنه إدراك الحج في هذه السنة ـ إن وجب عليه الحج في هذه السنة ، يلزم تكليفه بالمحال عادة ، وإلا يلزم خروج الواجب في وقته عن الوجوب.
قلت : لما كان وقوع الحج في هذه السنة في وقته محالا ، عادة ، فالتكليف به حينئذ ينصرف (٣) إلى التكليف بإيقاعه فميا بعد وقته ، فنختار عدم بقاء التكليف حينئذ ، وليس إلا خروج الواجب بعد وقته عن الوجوب ، ولا استحالة فيه ، بل يتحقق (٤) الاثم حينئذ.
__________________
ـ هو بعينه أمر بما لا يتم ذلك الشيء إلا به » : الذريعة : ١ / ٨٣ ، وممن صرح بالوجوب الغزالي : المستصفى : ١ / ٧١ ، والرازي : المحصول : ١ / ٢٨٩.
١ ـ حكى هذا الدليل المحقق الشيخ حسن ثم رده : معالم الدين : ٦٢.
٢ ـ كذا في ب وط. وفي الاصل : إلى الحج. وفي أ : للحج.
٣ ـ في ط : يؤول.
٤ ـ كذا في أ و ب ، وفي الاصل و ط : تحقق.