وعدم كون مضمونه مخالفا لعمل المشاهير من فقهائنا. وسيجيء تحقيق حكم صورة التعارض في بحث التراجيح ، إن شاء الله تعالى.
الشك الثاني : شك اعتبار مطلق الظن ، وهو مما اختاره بعض الفضلاء (١) ، وصورته أن يقال : قد حصل لنا من تتبع آثار العلماء ، أنهم كانوا يعملون بكل ما حصل لهم الظن بأنه مراد المعصوم ، سواء كان منشأ حصول هذا الظن رواية صحيحة أو لا ، مسندة أو لا ، مرسلة أو لا ، إلى غير ذلك.
ويلزم على هذا : أن لا يكون العلم بأحوال الرواة محتاجا إليه ، إذ ربما يحصل هذا الظن من رواية من هو في غاية الضعف ، ولا يحصل من رواية من هو في غاية الثقة.
والجواب : لا نسلم عمل العلماء بكل ما حصل لهم الظن به ، بل الظاهر من أحوال القدماء عدم عملهم إلا بالقطعيات ، وكلام السيد المرتضى ، وابن إدريس ، وابن زهرة ، ينادي بأعلى صوته بمنع العمل بالظنيات ، كما لا يخفى على من له أدنى تتبع ، وأكثر هذه الأخبار الضعيفة باصطلاح المتأخرين ، كان صحيحا عند القدماء.
وأيضا : لا يجوز أن يكون الظن من حيث هو ظن مناطا للاحكام الشرعية ، ما لم يكن ناشئا عما ثبت اعتباره شرعا ، إذ كثيرا ما يحصل هذا الظن بأسباب اخر ، مثل : هوى النفس ، أو التعصب ، أو الحسد ، أو نحو ذلك ، كما هو محسوس مشاهد ، وعلى هذا ، فيحصل الهرج والمرج في الدين ، لاختلاف الناس في هذه الاسباب ، فيجب أن يكون الظن الذي يجوز العمل به مضبوطا ، بأن يكون ناشئا من الكتاب الجيد (٢) ، أو الحديث الصحيح ، أو
__________________
١ ـ هو المحقق الشيخ حسن في : معالم الدين : ١٩٢ / قوله : ( الرابع ان باب العلم القطعي بالاحكام الشرعية إلى آخره ). وتقرير الدليل للمصنف.
٢ ـ كلمة ( المجيد ) : زيادة من أ و ب وط.