دل الدليل على صحته ، يجب حمل النهي (١) فيه على غير معناه الحقيقي ، ولهذا اشتهر أن متعلق الكراهة ليس نفس العبادة ، بل أمر آخر ، كالتعرض للنجاسة ، أو لكشف العورة ، ونحو ذلك ، في كراهة الصلاة في الحمام ، فاختلف المتعلق.
ويقولون : إن الحرمة غالبا تتعلق بالذات ، والكراهة (٢) بالوصف.
وهذا خلاف ظواهر النصوص ، الدالة على تعلق الكراهة بنفس الفعل ، مثل : ( لا تصل في الحمام ) ونحوه.
والحق : هو ما اشتهر من أن الكراهة في العبادات ، بمعنى كونها (٣) أقل ثوابا بنسبة خاصة.
وتحقيقه : أن العبادة قد تكون بحيث لم يتعلق بها نهى ولا أمر ـ غير الامر الذي تعلق بأصلها ـ كالصلاة اليومية في البيت للبعيد عن المسجد ، أو عند المطر (٤) ، نحو ذلك.
وهذه ربما تتصف بالاباحة ، بمعنى عدم مرجوحية أوصافها وأجزائها (٥) ، وعدم راجحيتها أيضا ـ غير الراجحية الناشئة من راجحية أصلها ـ فيقال : الصلاة اليومية في البيت مثلا مباحة.
وقد تكون بحيث تعلق بها أمر آخر ، باعتبار اشتمالها أو اتصافها على أمر راجح أو به.
وهذا الرجحان : قد ينتهي إلى حد الوجوب ، كالصلاة في المسجد مع نذر إيقاعها فيه ، فيجتمع حينئذ وجوبان ، وقد لا ينتهي إليه ، كالصلاة اليومية
__________________
١ ـ كذا في ط ، وفي سائر النسخ : الكراهة.
٢ ـ في ط : الكراهية.
٣ ـ في ط : أنها.
٤ ـ الفقيه : ١ / ٣٧٧ ح ١٠٩٩.
٥ ـ كذا في أ و ط ، وفي الاصل وأ : أو أجزائها.