فيكلّمني هذا ، فأردّ عليه ، ويكلّمني هذا ، فأردّ عليه ، فإذا انقطعوا يقول لي المعتصم : ويحك يا أحمد ما تقول؟
فأقول : يا أمير المؤمنين ، أعطوني شيئا من كتاب الله أو سنّة رسول الله حتّى أقول به.
فيقول ابن أبي دؤاد : أنت لا تقول إلّا ما في كتاب الله أو سنّة رسول الله؟
فقلت له : تأوّلت تأويلا ، فأنت أعلم ، وما تأوّلت ما يحبس عليه وما يقيّد عليه (١).
قال حنبل : قال أبو عبد الله : ولقد احتجّوا عليّ بشيء ما يقوى قلبي ولا ينطلق لساني أن أحكيه. أنكروا الآثار ، وما ظننتهم على هذا حتّى سمعت مقالتهم ، وجعلوا يدعون (٢) ، يقول الخصم : وكذا وكذا. فاحتججت عليهم بالقرآن بقوله : (يا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ ما لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ وَلا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئاً) (٣) فذمّ إبراهيم أباه أن عبد ما لا يسمع ولا يبصر ، أفهذا منكر عندكم؟
فقالوا : شبّه يا أمير المؤمنين ، شبّه يا أمير المؤمنين.
وقال محمد بن إبراهيم البوشنجيّ : حدّثني بعض أصحابنا أنّ ابن أبي دؤاد يقول : يا أمير المؤمنين ، والله لئن أجابك لهو أحب إليّ من مائة ألف دينار ، ومائة ألف دينار ، ويعدّ من ذلك ما شاء الله أن يعدّ (٤).
فقال المعتصم : والله لئن أجابني لأطلقنّ عنه بيدي ، ولأركبنّ إليه بجندي ، ولأطأنّ عقبه.
ثمّ قال : يا أحمد ، والله إنّي عليك لشفيق ، وإنّي لأشفق عليك كشفقتي على هارون ابني. ما تقول؟
فأقول : أعطوني شيئا من كتاب الله أو سنّة رسوله. فلمّا طال المجلس
__________________
(١) حلية الأولياء ٩ / ١٩٧ ـ ١٩٩.
(٢) في سير أعلام النبلاء ١١ / ٢٤٧ : «يرغون» بالراء والغين المعجمة.
(٣) سورة مريم ، الآية ٤٢.
(٤) حلية الأولياء ٩ / ٢٠١.