من التعب والعياء. وكان في حياته ربما استعار الشّيء من منزلنا ومنزل ولده. فلمّا صار إلينا من مال السّلطان ما صار امتنع من ذلك ، حتّى لقد وصف له في علّته قرعة تشوى ويؤخذ ماؤها. فلمّا جاءوا بالقرعة قال بعض من حضر : اجعلوها في تنّور ، يعني في دار صالح ، فإنّهم قد خبزوا. فقال بيده : لا. ومثل هذا كثير.
وقد ذكر صالح بن أحمد قصّة خروج أبيه إلى العساكر ورجوعه ، وتفتيش بيوتهم على العلويّ ، ثمّ ورود يعقوب قرقرة ومعه العشرة آلاف ، وأنّ بعضها كان مائتي دينار والباقي دراهم.
قال : فجئت بأجّانة خضراء ، فأكببتها (١) على البدرة ، فلمّا كان عند المغرب قال : يا صالح خذ هذا صيّره عندك.
فصيّرته عند رأسي فوق البيت. فلمّا كان سحر إذا هو ينادي : يا صالح. فقمت وصعدت إليه ، فقال : ما نمت. قلت : لم يا أبه؟
فجعل يبكي وقال : سلمت من هؤلاء ، حتّى إذا كان في آخر عمري بليت بهم. وقد عزمت عليك أن تفرّق هذا الشيء إذا أصبحت.
فقلت : ذاك إليك.
فلمّا أصبح جاءه الحسن (٢) بن البزّار فقال : جئني يا صالح بميزان. وجّهوا إلى أبناء المهاجرين والأنصار. ثمّ وجّه إلى فلان حتّى يفرّق في ناحيته ، وإلى فلان ، حتّى فرّقها كلّها ، ونحن في حالة الله بها عليم.
فجاءني ابن لي فقال : يا أبه أعطني درهما.
فأخرجت قطعة فأعطيته.
وكتب صاحب البريد إنّه تصدّق بالدّراهم في يومه ، حتّى تصدّق بالكيس.
قال عليّ بن الجهم : فقلت : يا أمير المؤمنين قد تصدّق بها. وعلم النّاس أنّه قد قبل منك.
__________________
(١) في الحلية ٩ / ٢٠٧ «كفأتها».
(٢) في الحلية ٩ / ٢٠٧ : «الحسين».