فوجّهت بها إلى يعقوب بن بختان (١) ، فباعها وصرف ثمنها ، وبقيت عندي القلنسوة (٢). قال : ومكث خمسة عشر يوما يفطر في كلّ ثلاثة على تمر سويق ، ثم جعل بعد ذلك يفطر ليلة على رغيف ، وليلة لا يفطر. وكان إذا جيء بالمائدة توضع بالدّهليز لئلّا يراها ، فيأكل من حضر. فكان إذا أجهده الحرّ بلّ خرقة فيضعها على صدره. وفي كلّ يوم يوجّه إليه بابن ماسويه فينظر إليه ويقول : يا أبا عبد الله أنا أميل إليك وإلى أصحابك ، وما بك علّة إلّا الضّعف وقلّة الزّاد (٣).
إلى أن قال : وجعل يعقوب وغياث يصيران إليه ويقولان له : يقول لك أمير المؤمنين : ما تقول في ابن أبي دؤاد وفي حاله؟
فلا يجيب في ذلك بشيء.
وجعل يعقوب ويحيى يخبراه بما يحدث في أمر ابن أبي دؤاد في كلّ يوم ، ثمّ أحدر إلى بغداد بعد ما أشهد عليه ببيع ضياعه (٤).
وكان ربّما صار إليه يحيى بن خاقان وهو يصلّي ، فيجلس في الدّهليز حتّى يفرغ.
وأمر المتوكّل أن يشترى لنا دار فقال : أبا صالح. قلت : لبّيك. قال : لئن أقررت لهم بشراء دار لتكوننّ القطيعة بيني وبينكم. إنّما يريدون أن يصيّروا هذا البلد لي مأوى ومسكنا.
فلم نزل ندفع بشراء الدّار حتّى اندفع (٥).
وجعلت رسل المتوكّل تأتيه يسألونه عن خبره ، ويصيرون إليه فيقولون : هو ضعيف. وفي خلال ذلك يقولون : يا أبا عبد الله لا بدّ من أن يراك (٦).
وجاءه يعقوب فقال : يا أبا عبد الله ، أمير المؤمنين مشتاق إليك ويقول :
__________________
(١) في الحلية ٩ / ٢١٠ : «التختكان».
(٢) حلية الأولياء ٩ / ٢٠٩ ، ٢١٠.
(٣) في الحلية ٩ / ٢١٠ «وقلّة البر».
(٤) حلية الأولياء ٩ / ٢١٠.
(٥) الحلية ٩ / ٢١٠ ، ٢١١.
(٦) الحلية ٩ / ٢١١.