أنبئت عمّن سمع أبا عليّ الحدّاد ، أنا أبو نعيم في «الحلية» (١) ، ثنا سليمان بن أحمد ، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال : كتب عبيد الله بن يحيى إلى أبي يخبره أنّ أمير المؤمنين أمرني أن أكتب إليك فأسألك عن أمر القرآن ، لا مسألة امتحان ، ولكن مسألة معرفة وتبصرة.
فأملى عليّ أبي رحمهالله إلى عبيد الله بن يحيى وحدي ما معي أحد :
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) ، أحسن الله عاقبتك أبا الحسن في الأمور كلّها ، ودفع عنك مكاره الدّنيا والآخرة برحمته. قد كتبت إليك رضي الله عنك بالّذي سأل أمير المؤمنين بأمر القرآن بما حضرني. وإنّي أسأل الله أن يديم توفيق أمير المؤمنين ، فقد كان النّاس في خوض من الباطل واختلاف شديد ينغمسون فيه ، حتّى أفضت الخلافة إلى أمير المؤمنين ، فنفى الله بأمير المؤمنين كلّ بدعة ، وانجلى عن النّاس ما كانوا فيه من الذّلّ وضيق المجالس ، فصرف الله ذلك كلّه وذهب به بأمير المؤمنين ، ووقع ذلك من المسلمين موقعا عظيما ، ودعوا الله لأمير المؤمنين وأن يزيد في نيّته ، وأن يعينه على ما هو عليه. فقد ذكر عن عبد الله بن عبّاس أنّه قال : لا تضربوا كتاب الله بعضه ببعض ، فإنّ ذلك يوقع الشّكّ في قلوبكم.
وذكر عن عبد الله بن عمرو أنّ نفرا كانوا جلوسا بباب النبيّ صلىاللهعليهوسلم.
فقال بعضهم : ألم يقل الله كذا؟
وقال بعضهم : ألم يقل الله كذا؟
فسمع رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فخرج كأنّما فقئ في وجهه حبّ الرّمّان وقال : «أبهذا أمرتم أن تضربوا كتاب الله بعضه ببعض؟ إنما ضلّت الأمم قبلكم في مثل هذا. إنّكم لستم ممّا هاهنا في شيء. انظروا الّذي أمرتم فاعملوا به ، وانظروا الّذي نهيتم عنه ، فانتهوا عنه» (٢).
وروي عن أبي هريرة ، عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم قال : «مراء في القرآن كفر» (٣).
__________________
(١) ج ٩ / ٢١٦ ـ ٢١٩.
(٢) الحديث أخرجه الإمام أحمد في المسند ٢ / ١١٨ و ١٩٥ و ١٩٦ ، وابن ماجة ٥ (٨٥).
(٣) أخرجه أحمد في المسند ٢ / ٢٨٦ و ٣٠٠ و ٤٢٤ و ٤٧٥ و ٥٠٣ و ٥٢٨ ، وأبو داود في السّنّة =