ونقل عليّ بن الحسين بن حبّان ، عن أبيه قال : قال أبو زكريّا : الحارث بن مسكين خير من أصبغ بن الفرج وأفضل (١).
وقال النّسائيّ : ثقة مأمون (٢).
وقال أبو بكر الخطيب (٣) : كان فقيها ثبتا ، حمله المأمون إلى بغداد وسجنه في المحنة ، فلم يجب. فلم يزل محبوسا ببغداد إلى أن ولي المتوكّل فأطلقه ، فحدّث ببغداد ورجع إلى مصر. وكتب إليه المتوكّل بقضاء مصر. فلم يزل يتولّاه من سنة سبع وثلاثين إلى أن استعفى من القضاء ، فصرف عنه سنة خمس وأربعين ومائتين.
قال بحر بن نصر : عرفت الحارث أيّام ابن وهب على طريقة زهادة وورع وصدق حتّى مات.
قلت : كان مع تبحّره في العلم ، قوّالا بالحقّ ، عديم النّظير.
قال يوسف بن يزيد القراطيسيّ : قدم المأمون مصر وبها من يتظلّم من إبراهيم بن تميم ، وأحمد بن أسباط عاملي مصر ، فجلس الفضل بن مروان في الجامع ، واجتمع الأعيان : فأحضر الحارث بن مسكين ليولّى القضاء ، فبينا الفضل يكلّمه إذ قال المتظلّم : سله أصلحك الله عن ابن تميم وابن أسباط.
فقال : ليس لذا حضر.
قال : أصلحك الله سله.
فقال له الفضل : ما تقول فيهما؟
قال : ظالمين غاشمين.
فاضطرب المسجد ، فقام الفضل فأعلم المأمون وقال : خفت على نفسي من ثورة النّاس مع الحارث.
فطلبه المأمون ، فابتدأه بالأمثال ، ثمّ قال : ما تقول في هذين الرجلين.
__________________
(١) تاريخ بغداد ٨ / ٢١٧ وفيه تتمة : «وأفضل من عبد الله بن صالح كاتب الليث ، وكان أصبغ من أعلم خلق الله كلّهم برأي مالك ، يعرفها مسألة مسألة ، متى قالها مالك ، ومن خالفه فيها».
(٢) تاريخ بغداد ٨ / ٢١٧.
(٣) في تاريخه ٨ / ٢١٦.