بما بيننا من حرمة : هل رأيتما |
|
أرقّ من الشّكوى وأقسى من الهجر؟ |
وأفصح من عين المحبّ لستره |
|
ولا سيّما إن أطلقت عبرة تجري (١) |
وله :
نوّب الزمان كثيرة وأشدّها |
|
شمل تحكم فيه يوم فراق |
يا قلب لم عرّضت نفسك للهوى؟ |
|
أو ما رأيت مصارع العشّاق (٢) |
وكان ناصبيّا منحرفا عن عليّ عليهالسلام (٣). وقع في الآخر بينه وبين المتوكّل لكونه هجاه ، فنفاه وكتب إلى ابن طاهر الأمير فصلبه يوما كاملا (٤) ، ثم أطلقه. فسافر وتنقّل إلى الشام ، فورد على المستعين كتاب من صاحب البريد بحلب أنّ عليّ بن الجهم خرج من حلب إلى العراق ، فخرجت عليه وعلى جماعة معه خيل من كلب ، فقاتلهم قتالا شديدا دون ماله ، فأثخن بالجراح ، ولحقه النّاس بآخر رمق (٥) ، فمات في سنة تسع وأربعين.
وكانت بينه وبين أبي تمّام الطّائيّ مودّة أكيدة (٦).
ويقال كان عليّ بن الجهم في المحدّثين كالنّابغة في المتقدّمين ، لأنّه اعتذر إلى المتوكّل بما لا يقصّر عن اعتذارات النّابغة إلى النّعمان.
فمن ذلك :
عفا الله عنك أما حرمه |
|
تعوذ بعفوك أن أبعدا |
ألم تر عبدا عدا طوره |
|
ومولى عفا وشيدا هدا |
أقلني أقالك من لم يزل |
|
يقيك ويصرف عنك الرّدا |
وله في حبسه :
__________________
(١) مروج الذهب ٤ / ١١٣.
(٢) تاريخ بغداد ١١ / ٣٦٨.
(٣) مروج الذهب ٤ / ١١١.
(٤) وفيات الأعيان ٣ / ٣٥٥.
(٥) وفيات الأعيان ٣ / ٣٥٦.
(٦) وفيات الأعيان ٣ / ٣٥٦.