فدك ، فأدخلناه على الشيوخ ببغداد ، فقبلوه إلّا ابن شيبة العلويّ ، فإنّه قال : لا يشبه آخر هذا الحديث أوّله. فلم يقبله.
قال الصّفّار : كان أبو العيناء يحدّث بهذا بعد ما تاب.
وأنشد المبرّد للجاحظ :
إن حال لون الرّأس عن حاله |
|
ففي خضاب الرأس مستمتع |
هب من له شيب له حيلة |
|
فما الّذي يحتاله الأصلع (١)؟ |
وقال رجل للجاحظ : كيف حالك؟
فقال : يتكلّم الوزير برأيي ، وصلات الخليفة متواترة لي ، [وآكل من لحم الطّير] (٢) أسمنها ، وألبس من الثّياب ألينها ، وأنا صابر حتّى يأتي الله بالفرج.
فقال له : الفرج ما أنت فيه.
قال : بل أحبّ أن ألي الخلافة ، وتحيّلت إلى محمد بن عبد الملك ، يعني الوزير ، فهذا هو الفرج (٣).
وقال أبو العيناء ، أنشدنا الجاحظ :
يطيب العيش أن تلقى حكيما |
|
وفضل العلم يعرفه الأديب (٤) |
سقام الحرص ليس له داء (٥) |
|
وداء الجهل ليس له طبيب (٦) |
وقد عمّر الجاحظ وبقي كلحم على قضم.
قال المبرّد : دخلت على الجاحظ في آخر أيّامه فقلت : كيف أنت؟
__________________
(١) تاريخ بغداد ١٢ / ٢١٥.
(٢) في الأصل بياض ، والّذي بين الحاصرتين استدركته من : تاريخ بغداد.
(٣) تاريخ بغداد ١٢ / ٢١٩.
(٤) في تاريخ بغداد :
يطيب العيش أن تلقى حكيما |
|
غذاه العلم والظن المصيب |
فيكشف عنك حيرة كل جهل |
|
وفضل العلم يعرفه الأديب |
(٥) في تاريخ بغداد : «ليس له شفاء».
(٦) تاريخ بغداد ١٢ / ٢١٥.