وعن عبّاس النّحويّ قال : رأيت أحمد بن حنبل حسن الوجه ، ربعه ، يخضب بالحنّاء خضابا ليس بالقاني. وفي لحيته شعرات سود. ورأيت ثيابه غلاظا ، إلّا أنّها بيض. ورأيته معتمّا وعليه إزار (١).
وقال حنبل : سمعت أبا عبد الله يقول : ذهبت لأسمع من ابن المبارك فلم أدركه. وكان قد قدم فخرج إلى الثّغر ، فلم أسمع منه ولا رأيته.
وقال عارم أبو النّعمان : وضع أحمد عندي نفقته ، فكان يجيء فيأخذ منها حاجته ، فقلت له يوما : يا أبا عبد الله بلغني أنّك من العرب.
فقال : يا أبا النّعمان نحن قوم مساكين.
فلم يزل يدافعني حتّى خرج ولم يقل لي شيئا (٢).
وقال صالح : عزم أبي على الخروج إلى مكّة. ورافق يحيى بن معين ، فقال أبي : نحجّ ونمضي إلى صنعاء إلى عبد الرّزّاق.
قال : فمضينا حتّى دخلنا مكّة ، فإذا عبد الرّزّاق في الطوّاف ، وكان يحيى يعرفه ، فطفنا ، ثمّ جئنا إلى عبد الرّزّاق ، فسلّم عليه يحيى وقال : هذا أخوك أحمد بن حنبل.
فقال : حيّاه الله ، إنّه ليبلغني عنه كلام (٣) أسرّ به. ثبّته الله على ذلك.
ثمّ قام لينصرف ، فقال يحيى : ألا نأخذ عليه الموعد.
فأبى أحمد وقال : لم أغيّر النيّة في رحلتي إليه. أو كما قال.
ثمّ سافر إلى اليمن لأجله ، وسمع منه الكتب ، وأكثر عنه (٤).
__________________
(١) تاريخ بغداد ٤ / ٤١٦ ، تاريخ دمشق ٧ / ٢٢٥.
(٢) تاريخ دمشق ٧ / ٢٢٢ ، ٢٢٣.
(٣) في المخطوط : «كلاما».
(٤) تاريخ دمشق ٧ / ٢٣٠ ، ٢٣١.