لغيره لكان الجنسي ثابتا له في ضمنه ، فلم يكن الجنس مختصا ولا مستحقا ، وذلك مناف لمدلول «الحمد لله».
ثم جملة «الحمد لله» إخبارية لفظا ومعنى ، وكونها إنشائية بمعنى أن قائل : «الحمد لله» منشئ للثناء على الله سبحانه بمعناها ، وهو أن كل حمد مختص به أو مستحق له تعالى معنى لغوي لا ينافي كونها إخبارية اصطلاحا ، إذ ليس هو معنى الإنشاء المقابل للخبر اصطلاحا.
وقد راعى المصنف رحمهالله براعة الاستهلال بالإشارة إلى معظم العقائد من الذات الواجب الوجود بقوله : «لله» ، وإلى صفات الألوهية والمعاد والنبوات بقوله : (بارئ الأمم .. إلخ (١)).
و «البارئ» : المنشئ ، وقيل : الخالق خلقا بريئا من التفاوت والتنافر ، أي منشئ أنواع الحيوان أو خالقها قال تعالى : (وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثالُكُمْ) (سورة الأنعام ، ٣٨) ، أو منشئ نوع الإنسان أمة بعد أمة ، أو خالقهم كذلك خلقا بريئا مما ذكر.
و «الأمة» : تطلق لمعان ، واللائق منها (٢) هنا الجماعة ، وقد تخصّ (٣) بالجماعة الذين بعث إليهم نبي ، وهم باعتبار البعثة إليهم ودعائهم إلى الله يسمون «أمة الدعوة» ، فإن آمنوا كلهم أو جماعة منهم سمي المؤمنون : «أمة القبول» (٤) (ومولي النعم) أي : مانح الأمور المنعم بها عموما ؛ من الإيجاد والإمداد بالبقاء ومن السمع والبصر وسائر القوى الظاهرة والباطنة وكفاية المهمات ودفع الملمات وخصوصا من سعة الرزق ونفاذ الأمر والنهي والرفعة وغيرها (الذي لا رادّ لما حكم) أي : لحكمه أو لما قضى بوقوعه أو بعدم وقوعه (ولا مانع لما أعطى وقسم) لأن كل شيء في قبضته ، ومصرّف على حسب مشيئته ، إذ هو المالك لكل شيء سبحانه (المتفرّد في وجوده بالقدم) وسيأتي بيان معناه (٥).
__________________
(١) في (م) : إلى آخره. وهكذا نجده في سائر هذه النسخة ، فلا نشير إليه لذلك.
(٢) في (ط) : بها.
(٣) في (ط) : يختص.
(٤) في (م) : أمة الملة وأمة الإجابة.
(٥) في ص ٤٧.