ذكره ، (من نحو قوله عليه) الصلاة و (السلام : «أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا : لا إله إلا الله ، فمن قال لا إله إلا الله ، فقد عصم مني نفسه وماله إلا بحقه ، وحسابه على الله») أخرجه الشيخان (١) ، وفي رواية لهما : «حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله ويؤمنوا بي وبما جئت به ، فإذا فعلوا ذلك عصموا ...» (٢) الحديث ، وفي رواية أبي داود والترمذي : «أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله ، فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها ، وحسابهم على الله» (٣) ، إلا أن أبا داود قال : «منعوا» بدل «عصموا».
(و) من نحو (قوله تعالى : (مَنْ كَفَرَ بِاللهِ مِنْ بَعْدِ إِيمانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ) (سورة النحل : ١٠٦) (الآية ، جعل المتكلم كافرا مع أن قلبه مطمئن بالإيمان ، ولكن عفى عنه) للإكراه ، (وإذا كان كافرا باعتبار اللسان) حيث نطق بالكفر (يكون مؤمنا باعتباره) أي : اللسان أيضا (لاتحاد مورد الإيمان والكفر) أي : محل ورودهما ، إذ لا قائل بتغاير موردهما.
(وصرح في الآية) السابق ذكرها (بإثبات الإيمان للقلب ، و) بإثبات (الكفر أيضا) له (بقوله) في إثبات الإيمان : ((وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ) (سورة النحل : ١٠٦)) ، وبقوله في إثبات الكفر له : ((وَلكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً) (سورة النحل : ١٠٦)) فإن الصدر محل القلب ، والقلب هو المراد منه (وهو) أي : إثبات كل من الإيمان والكفر للقلب (محل اتفاق بين الفريقين) الأشاعرة والحنفية ، (فوجب كون الإيمان بهما) أي : بالقلب واللسان ، لما مر من الدلالة على كون كل منهما موردا له ، (وهو الاحتياط) كما سبق بيانه.
ويجاب من طرف جمهور الأشاعرة عن الحديث بأن معناه : إن قول لا إله إلا الله شرط لإجراء أحكام الإسلام ، حيث رتب فيه على القول الكف عن الدم والمال ، لا النجاة في الآخرة الذي هو محل النزاع.
وعن الآية بأنها دالة عن أنه لا أثر للسان في النجاة في الآخرة ، كما يشهد
__________________
(١) أخرجه البخاري في كتاب الإيمان ، باب فإن تابوا وأقاموا ، برقم ٢٥ ، وأخرجه أيضا برقم ٣٨٥ و ١٣٣٥ ، وأخرجه مسلم في الفضائل برقم ٢٣٩٠.
(٢) الحديث أخرجه البخاري عن ابن عمر في الإيمان ، باب (فَإِنْ تابُوا ...) رقم (٢٥) ، ومسلم برقم ٢١.
(٣) أخرجه أبو داود برقم (٢٦٤٠) بلفظ «منعوا» والترمذي برقم (٢٧٣٣) ، والبزار في مسنده بلفظ يقارب لفظ أبي داود برقم (٧٥) ، من رواية أبي هريرة.