له قوله تعالى : (إِنَّ الْمُنافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ) (سورة النساء : ١٤٥) ، حيث وصفهم بأقبح أنواع الكفر مع تصديقهم باللسان.
على أن من محققي الحنفية من وافق الأشاعرة كما نبه عليه المصنف بقوله : (إلا أن قول صاحب «العمدة») وهو كما مرّ أبو البركات عبد الله بن محمد بن محمود النسفي (منهم) أي : من الحنفية («الإيمان هو التصديق ، فمن صدق الرسول) صلىاللهعليهوسلم (فيما جاء به) عن الله (فهو مؤمن فيما بينه وبين الله تعالى ، والإقرار شرط إجراء الأحكام» (١) ، هو) أي : قول صاحب «العمدة» (بعينه القول المختار عند الأشاعرة) تبع فيه صاحب «العمدة» أبا منصور الماتريدي (٢).
(والمراد) بالأحكام في قولهم : «إجراء الأحكام» هي (أحكام الدنيا ، من الصلاة خلفه ،) والصلاة عليه ، (ودفنه في مقابر المسلمين ، وغير ذلك) كعصمة الدم والمال ، ونكاح المسلمة ، ونحوها.
قال في «شرح المقاصد» (٣) : ولا يخفى أن الإقرار لهذا الغرض ، أي : لإجراء الأحكام ، لا بدّ أن يكون على وجه الإعلان والإظهار للإمام وغيره من أهل الإسلام ، بخلاف ما إذا كان لإتمام الإيمان فإنه يكفي مجرد التكلم ، وإن لم يظهر على غيره.
(واتفق القائلون بعدم اعتبار الإقرار على) أنه يلزم المصدق (أن يعتقد أنه متى طولب به أتى به ، فإن طولب به فلم يقر فهو) أي : كفه عن الإقرار (كفر عناد ، وهذا ما قالوا : إن ترك العناد شرط ، وفسروه به) أي : فسروا ترك العناد بأن يعتقد أنه متى طولب بالإقرار أتى به.
هذا كلام تفصيلي في ضم الإقرار إلى التصديق ركنا أو شرطا ، وأما ضم غيره مما هو شرط جزما فقد نبه عليه بقوله : (وبالجملة فقد ضم إلى التصديق بالقلب) على القول بأنه مسمى الإيمان ، (أو) إلى التصديق (بهما) أي : بالقلب واللسان ، (في تحقق الإيمان وإثباته أمور) رفع بقوله : «ضم» نائبا عن الفاعل (الإخلال بها) أي : بتلك الأمور (إخلال بالإيمان اتفاقا ، كترك السجود للصنم ، وكقتل نبي) كذا في نسخ المتن وهو سهو ، واللائق حذف الكاف ، بأن يقال :
__________________
(١) العمدة ، ص ٢٣.
(٢) انظر : التوحيد ، ص ٣٨٠.
(٣) شرح المقاصد ، ٥ / ١٧٨.