إذا نقلت يكاد يجزم العقل بعدم الاستدلال معها).
(ثم بعد هذا) الخلاف في ماهية الإيمان (اختلفوا في التصديق) القائم (بالقلب الذي هو جزء مفهوم الإيمان) على قول ، (أو تمامه (١)) أي : تمام مفهومه على قول آخر كما سبق ؛ (أهو) أي : التصديق (من باب العلوم والمعارف؟ أو) هو (من باب الكلام النفسي؟)
(فقيل بالأول) وهو أنه من باب العلوم والمعارف (ودفع بالقطع بكفر كثير من أهل الكتاب مع علمهم بحقية رسالته عليه) الصلاة و (السلام ، و) حقية (ما جاء به كما أخبر عنهم تعالى بقوله : (الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (١٤٦)) (سورة البقرة : ١٤٦) في آي كثيرة) كقوله تعالى : (فَلَمَّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ) (سورة البقرة : ٨٩) وقوله تعالى : (يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآياتِ اللهِ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ) (سورة آل عمران : ٧٠) ، (يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْباطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٧١)) (سورة آل عمران ٧١).
وقوله : (وبأن) عطف على قوله : «بالقطع» ، أي : ودفع أيضا بأن (الإيمان مكلف به ، والتكليف إنما يتعلق بالأفعال الاختيارية ، والعلم مما يثبت بلا اختيار ، كمن ونعت (٢) مشاهدته على من ادعى النبوة وأظهر المعجزة) بأن شاهد كلا من الدعوى وظهور المعجزة ، (فلزم نفسه عند ذلك) أي : عند وقوع مشاهدته (العلم بصدقه) و «نفسه» : مفعول مقدم ل «لزم» ، والفاعل : «العلم».
(وذهب إمام الحرمين وغيره إلى أنه من قبيل الكلام النفسي) وعبارته في «الإرشاد» : ثم التصديق على التحقيق كلام النفس ، ولكن لا يثبت إلا مع العلم ، فإنا أوضحنا أن كلام النفس يثبت على حسب الاعتقاد (٣) اه.
(قال صاحب «الغنية» (٤) (٥) : اختلف جواب) الشيخ (أبي الحسن) الأشعري (في
__________________
(١) في (م) : تمام.
(٢) في (م) : وقعت.
(٣) الإرشاد ، ص ٣٩٧.
(٤) وهو محمد بن عبد الكريم الشهرستاني ، أبو الفتح ، من عمالقة الأشاعرة ، من أهل شهرستانة ، كان إماما أصوليا عارفا بالأدب والعلوم المهجورة ، توفي سنة ٥٤٨ ه. (السير ، ٢٠ / ٢٨٦).
(٥) في (م) : إلا هيتة.