وأما غيرهم ممن يخشى عليه من الخوض فيه الوقوع في الشبه والضلال فليس له الخوض فيه ، وهذا محمل نهي الشافعي وغيره من السلف عن الاشتغال بعلم الكلام.
(وتعيين محالّ وجوب العلم : كمعرفته تعالى و) معرفة (صفاته الذاتية ، و) محالّ وجوب (الظنّ : كبعض شروط النبوّة ، وكيفية إعادة المعدوم ، والسؤال في القبر) أو كيفيته ، إنما يستفاد (من خارج) لا من التعريف.
فقوله : «وتعيين» مبتدأ خبره قوله : «من خارج». وقوله (١) : «والظن» عطف على «العلم». وما عدا ذلك أحوال أو نعوت.
وقوله : «كبعض شروط النبوة» يشير به إلى الذكورة (٢) ، فقد اختلف في اشتراطها ، فاشترطها الجمهور وذهب البعض إلى أنها غير شرط كما سنذكره في محله (٣) إن شاء الله تعالى ، والأدلة من الجانبين ظنية.
وأما «كيفية إعادة المعدوم» فستعرف في محلها أنها ظنية (٤).
وهاهنا بحث وهو أن يقال لك أن يمتنع وجوب اعتقاد اشتراط الذكورة في النبي ، وتفصيل كيفية الإعادة ، حتى لو لقي العبد ربّه سبحانه وتعالى خاليا عن اعتقاد يتعلق بهما وبما أشبههما لم يتوجّه عليه عقاب ؛ لأن الواجب في الإيمان بالأنبياء عليهم الصلاة والسلام هو أن من ثبت شرعا تعيينه وجب الإيمان بأنه بعينه نبي ، ومن لم يثبت تعيينه وجب الإيمان به إجمالا ، والواجب في الإيمان بالإعادة هو اعتقاد أن الله تعالى يحيي الموتى ويبعثهم للجزاء ، وإن لم يتعلق لنا اعتقاد بتفصيل كيفية إعادتهم.
فهاتان المسألتان وما أشبههما ليس مما يجب على النفس معرفته ، فلا يتجه إدخاله في التعريف بقوله : «وظنا في البعض».
وقد نبّه حجة الإسلام في كتابه «الاقتصاد» (٥) على عدم وجوب الاعتقاد في أشباه هاتين من المسائل ، وبالله التوفيق.
__________________
(١) ليست في (م).
(٢) الراجح أن الإشارة هنا ليست إلى الذكورة ، لكونها لا تدخل في مجال وجوب العلم ، وقصد المصنف يتجه إلى عدم الاتصاف بالكذب مع الإعجاز. (انظر : النبوات للرازي ، ص ١٠٥).
(٣) في ص : ٢٢٦.
(٤) في ص : ٢٥٣.
(٥) انظر : الاقتصاد في الاعتقاد ، ص ٣٨ ـ ٤٤.