الأنبياء كانوا على الحق وكانت تلك الامم مع كثرتها ووفور عقولها على الباطل فلأن يكون المكذبون بمحمد صلىاللهعليهوسلم وهم الاقلون الاذلون الارذلون من هذه الطوائف على الباطل أولى واحرى واي امة من الامم اعتبرتها وجدت المصدقين بنبوة محمد صلىاللهعليهوسلم جمهورها وأقلها واراذلها هم الجاحدون لنبوته ، فرقعة الاسلام قد اتسعت في مشارق الأرض ومغاربها غاية الاتساع بدخول هذه الامم في دينه وتصديقهم برسالته ، وبقي من لم يدخل منهم في دينه وهم من كل أمة أقلها وأين يقع النصارى المكذبون برسالته اليوم من أمة النصرانية الذين كانوا قبله؟! وكذلك اليهود والمجوس والصابئة لا نسبة للمكذبين برسالته بعد بعثه الى جملة تلك الامة قبل بعثه ، وقد أخبر تعالى عن الامم التي أطبقت على تكذيب الرسل ودمرها الله تعالى فقال تعالى : (ثُمَّ أَرْسَلْنا رُسُلَنا تَتْرا كُلَّ ما جاءَ أُمَّةً رَسُولُها كَذَّبُوهُ فَأَتْبَعْنا بَعْضَهُمْ بَعْضاً ، وَجَعَلْناهُمْ أَحادِيثَ فَبُعْداً لِقَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ) [المؤمنون : ٤٤] فأخبر عن هؤلاء الامم أنهم تطابقوا على تكذيب رسلهم وانه عمهم بالاهلاك ، وقال تعالى : (كَذلِكَ ما أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قالُوا ساحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ) [الذاريات : ٢] (أَتَواصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طاغُونَ) [الذاريات : ٥٣]. ومعلوم قطعا ان الله تعالى لم يهلك هذه الامم الكثيرة الا بعد ما تبين لهم الهدى فاختاروا عليه الكفر ، ولو لم يتبين لهم الهدى لم يهلكهم ، كما قال تعالى : (وَما كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرى إِلَّا وَأَهْلُها ظالِمُونَ) [القصص : ٥٩] وقال تعالى : (فَلَوْ لا كانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَها إِيمانُها إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنا عَنْهُمْ عَذابَ الْخِزْيِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَمَتَّعْناهُمْ إِلى حِينٍ) [يونس : ٩٨] أي فلم يكن قرية آمنت فنفعها ايمانها الا قوم يونس ومعلوم قطعا انه لم يصدق نبي من الأنبياء من أولهم الى آخرهم ولم يتبعه من الأمم ما صدق محمد بن عبد الله صلىاللهعليهوسلم ، والذين اتبعوه من الأمم أضعاف هاتين الامتين المكذبتين مما لا يحصيهم الا الله ولا يستريب من له مسكة من عقل أن الضلال والجهل والغي وفساد العقل الى من خالفه وجحد نبوته أقرب منه الى اتباعه ومن أقر بنبوته ، ... وحينئذ فيقال : كيف جاز على هؤلاء الأمم التي لا يحصيهم الا الله الذي قد بلغوا مشارق الأرض ومغاربها على اختلاف طبائعهم وأغراضهم وتباين مقاصدهم الاطباق على اتباع من يكذب على الله وعلى رسله وعلى