سبحانه ، وأما المسيح فإنما سأله بعد رفعه وصعوده إلى السماء.
(فصل) وتأمل قول المسيح «إني لست أدعكم أيتاما لأني سآتيكم عن قريب» كيف هو مطابق لقول أخيه محمد بن عبد الله صلوات الله وسلامه عليهما «ينزل فيكم ابن مريم حكما عدلا ، وإماما مقسطا ، فيقتل الخنزير ، ويكسر الصليب ، ويضع الجزية» وأوصى أمته بأن «يقرئه السلام منه من لقيه منهم» وفي حديث آخر : «كيف تهلك أمة أنا في أولها وعيسى في آخرها»؟!
(فصل) وقد تقدم نص التوراة «تجلى الله من طور سينا ، واشرق من ساعير ، واستعلن من جبال فاران» ، قال علماء الإسلام ـ وهذا لفظ أبي محمد بن قتيبة ـ ليس بهذا الخفاء على من تدبره ولا غموض لأن مجيء الله من طور سينا انزاله التوراة على موسى من طور سينا كالذي هو عند أهل الكتاب وعندنا ، وكذلك يجب أن يكون «إشراقه من ساعير» إنزاله الإنجيل على المسيح ، وكان المسيح من ساعير أرض الخليل بقرية تدعى ناصرة ، وباسمها تسمى من اتبع نصارى ، وكما وجب ان يكون اشراقه من ساعير بالمسيح فكذلك يجب ان يكون «استعلانه من جبال فاران» إنزاله القرآن على محمد صلىاللهعليهوسلم ، وجبال فاران هي جبال مكة ، قال : وليس بين المسلمين واهل الكتاب خلاف في أن فاران هي مكة ، فان ادعوا أنها غير مكة فليس ينكر ذلك من تحريفهم وافكهم ، قلنا أليس في التوراة أن إبراهيم أسكن هاجر واسماعيل فاران؟! وقلنا دلونا على الموضع الذي استعلن الله منه واسمه فاران ، والنبي الذي أنزل عليه كتابا بعد المسيح؟! أوليس استعلن وعلن بمعنى واحد ، وهما ظهر وانكشف فهل تعلمون دينا ظهر ظهور دين الإسلام وفشا في مشارق الأرض ومغاربها فشوه؟! قال علماء الإسلام «وساعير» جبال بالشام منه ظهور نبوة المسيح ، وإلى جانبه قرية بيت لحم القرية التي ولد فيها المسيح تسمى اليوم «ساعير» ولها جبال تسمى ساعير ، وفي التوراة أن نسل العيص كانوا سكانا بساعير ، وامر الله موسى أن لا يؤذيهم. قال شيخ الإسلام : وعلى هذا فيكون قد ذكر الجبال الثلاثة «حراء» الذي ليس حول مكة أعلى منه ، وفيه ابتدئ رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، بنزول الوحي عليه ، وحوله جبال كثيرة ، وذلك المكان يسمى فاران إلى هذا اليوم ، والبرية