قلت : هذا من فرط المبالغة من السّمعانيّ (١).
ثمّ قال : سمعت أبا المعالي محمد بن نصر الخطيب يقول ذلك ، وكان من أصحاب الشّريف. وسمعت أبا المعالي يقول : إنّ الشريف عمل بستانا عظيما ، فطلب ملك سمرقند وما وراء النهر الخضر خاقان أن يحضر البستان ، فقال الشريف السيّد لحاجب الملك : لا سبيل إلى ذلك. فألحّ عليه ، فقال : لكن لا أحضر ، ولا أهيئ آلة الفسق والفساد لكم ، ولا أفعل ما يعاقبني الله عليه في الآخرة.
فغضب الملك ، وأراد أن يمسكه ، فاختفى عند وكيل له نحو شهرين ، ونودي عليه في البلد ، فلم يظفروا به. ثمّ أظهروا النّدم على ما فعلوه ، فألحّ عليه أهله حتّى ظهر ، وجلس على ما كان مدّة.
ثمّ إنّ الملك نفذ إليه يطلبه ليشاوره في أمر ، فلمّا استقرّ عنده أخذه وسجنه ، وأخذ جميع ما يملكه من الأموال والجواهر والضياع ، فصبر وحمد الله ، وقال : من يكون من أهل بيت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لا بدّ وأن يبتلى. وأنا قد ربيت في النّعمة ، وكنت أخاف لا يكون وقع خلل في نسبي ، فلمّا وقع هذا فرحت ، وعلمت أنّ نسبي متصل (٢).
قال لنا أبو المعالي : فسمعنا أنّهم منعوه من الطّعام حتّى مات جوعا. ثمّ أخرج من القلعة ودفن.
وهو من ولد عليّ بن زين العابدين عليّ بن الحسين رضياللهعنه (٣).
قال السّمعانيّ : قال أبو العباس الجوهريّ : رأيت السّيد المرتضى أبا المعالي بعد موته وهو في الجنّة ، وبين يديه مائدة من طعام ، وقيل له : ألا تأكل؟
__________________
(١) وفي (سير أعلام النبلاء) قال المؤلّف ـ رحمهالله ـ : «ولقد بالغ ، فهذا في رتبة ملك ، ومثل هذا يصلح للخلافة». (١٨ / ٥٢٢).
(٢) في الأصل : «متصلا» والتصحيح من : المنتظم ٩ / ٤١ (١٦ / ٢٧٤ ، ٢٧٥) ، وتذكرة الحفاظ ٤ / ١٢١١ ، وسير أعلام النبلاء ١٨ / ٥٢٢.
(٣) المنتظم ٩ / ٤١ (١٦ / ٢٧٥) ، تذكرة الحفاظ ٤ / ١٢١١ ، سير أعلام النبلاء ١٨ / ٥٢٢ ، البداية والنهاية ١٢ / ١٣٤ ، الوافي بالوفيات ١ / ١٤٣.