قرأت بخطّ ابن الأنماطيّ الحافظ : حكى لنا أبو الحسن شجاع بن محمد بن سيدهم قال : كان الشّيخ أبو العبّاس قد أخذ نفسه بتقليل الأكل ، بحيث بلغ في ذلك إلى الغاية. وكان يعجب ممّن يأكل ثلاثين لقمة ويقول : لو أكل النّاس من الضارّ ما أكل من النّافع ما اعتلّوا.
وحكى لي شجاع أنّ أبا العبّاس ولدت له ابنته هند وكبرت ، وقرأت عليه بالسّبع ، وقرأت عليه الصّحيحين ، وغير ذلك. وكتبت الكثير ، وتعلّمت عليه كثيرا من علوم القرآن ، والحديث ، وغير ذلك. ولم ينظر إليها قطّ. فسألت شجاعا أكان ذلك عن قصد؟ فقال : كان في أوّل العمر اتّفاقا ، لأنّه كان يشتغل بالإقراء إلى المغرب ، ثمّ يدخل إلى بيته وهي في مهدها ، وتمادى الحال إلى أن كبرت فصارت عادة. وزوّجها ودخلت بيتها والأمر على ذلك ، ولم ينظر إليها قطّ إلى أن توفّي رحمهالله تعالى (١).
٣٢٧ ـ أحمد بن أبي بكر بن محمد بن سليمان.
الحمّاميّ ، البخاريّ ، أبو العبّاس ، الأديب ، من مشيخة أبي سعد السّمعانيّ.
قال : كان فقيها ، زاهدا ، عارفا باللّغة ، كثير الاجتهاد والتّعبّد.
سمع : عبد الواحد بن عبد الرحمن الزّبيريّ ، والقاضي محمد بن الحسن النّسفيّ ، وجماعة.
مولده سنة تسع وثمانين.
ومات في ربيع الأوّل سنة ستّين. وكان إمام النّاس في الجمعة.
__________________
(١) وقال الذهبي ـ رحمهالله ـ في (معرفة القراء) : وبلغنا أن الناس بقوا بمصر بلا قاض ثلاثة أشهر في عام ثلاثة وثلاثين وخمسمائة ، ثم وقع اختيار الدولة على أبي العباس ابن الحطيئة ، فاشترط عليهم أن لا يقضي بمذهبهم ، فلم يمكنوه من ذلك إلّا أن يحكم على مذهب الشيعة وولّوا غيره.