[القتال بين العلويّة والشافعية]
وكان رئيس نيسابور هو نقيب العلويّين ذخر الدّين زيد بن الحسن الحسيني ، فقتل بعض أصحابه أبو الفتوح الفستقاني الشافعيّ ، فبعث إلى رئيس الشّافعيّة مؤيّد الدّين الموفّقي يطلب منه القاتل ليقتصّ منه ، فامتنع المؤيّد وقال : إنّما حكمك على العلويّة. فخرج النّقيب وقصد الشّافعيّة ، فاقتتلوا وقتل جماعة ، وأحرق النّقيب سوق العطّارين وسكّة معاد ، وعظم البلاء. ثمّ جمع المؤيّد جموعا وجيّش ، والتقى هو والعلويّة في شوّال سنة أربع ، واشتدّ الحرب ، وأحرقت المدارس والأسواق. واستمرّ القتل بالشّافعية ، فالتجأ المؤيّد إلى قلعة فرخك ، وخربت نيسابور بسبب هذه المصيبة الكبرى. وأمّا المؤيّد أبه الأمير فإنّه جرت له فصول وأسر ، ثمّ هرب ، وقدم نيسابور ، فنزل إليه المؤيّد رئيس الشّافعيّة ، وتحصّن العلويّ بنيسابور ، واشتدّ الخطب على المعترّين الرّعية ، وتمنّوا الموت ، وسفكت الدّماء ، وهتكت الأستار ، وخرّبوا ما بقي من البلد ، وبالغ الشافعية في الانتقام ، وخرّبوا مدرسة الحنفيّة ، واستؤصلت نيسابور ، فلا حول ولا قوة إلّا بالله. هذا ملخّص ما نقله ابن الأثير في «كامله» (١).
[الخلاف بين قطب الدين مودود وأمير ميران]
ومرض نور الدّين في آخر الماضية وأوّل سنة أربع وضعف ، فعهد بالأمر بعده لأخيه قطب الدّين مودود صاحب الموصل. وقال : ابن أخي أمير ميران لا أرتضيه لتولية أمور المسلمين لسوء أفعاله وأخلاقه. فحلفت له الأمراء وكاتب جماعة من الكبار أمير ميران يحثونه على المجيء ليستولي على الشام ، فبادر وقطع الفرات ، فبعث أسد الدّين عسكرا فردّوه. وبلغ صاحب الموصل الخبر ، فبعث وزيره كمال الدّين محمد بن عليّ الجواد ، فدخل
__________________
(١) ١١ / ٢٥٠ ، العبر ٤ / ١٥٤ ، مرآة الجنان ٣ / ٣٠٧ ، البداية والنهاية ١٢ / ٢٣٧ (حوادث سنة ٥٥٣ ه) ، الكواكب الدرّية ١٥٦ ، ١٥٧.