فنهض بجيوشه ، وجدّ في السّير ، فشارفهم وهم غارّون (١) ، وأظلّتهم عصائبه ، فبادروا الخيل ، وافترقوا أربع فرق ، وحملوا على المسلمين ، فترجّل نور الدّين ، وترجّلت معه الأبطال ، ورموا بالسّهام ، ونزل النّصر ، ووقع القتل والأسر في الكفرة.
قال أبو يعلى (٢) : فلم يفلت منهم ، على ما حكاه الخبير الصّادق ، غير عشرة نفر ، قيل إنّ ملكهم فيهم ، وقيل قتل. ولم يفقد من المسلمين الأجناد سوى رجلين ، أحدهما من الأبطال قتل أربعة من شجعان الفرنج واستشهد.
وفرح المؤمنون بهذا النّصر العزيز ، وجيء بالرءوس والأسرى إلى دمشق ، والخيّالة على الجمال ، والمقدّمون على الخيل بالزرديّات والخوذ ، وفي أيديهم أعلامهم. وضجّ الخلق بالدّعاء لنور الدّين (٣).
[الزلازل بالشام]
وفيها جاءت عدة زلازل عظيمة بالشّام (٤).
[مهادنة نور الدين للفرنج]
ثمّ جاءت الأخبار بوصول السّلطان مسعود للنّزول على أنطاكية ، فاضطرّ نور الدّين إلى مهادنة الفرنج ، ثمّ توجّه إلى حلب (٥).
[خراب المدن بالزلازل]
وجاءت الأخبار من الشّمال بما يرعب النّفوس من شأن الزّلزلة ، بحيث انهدمت حماه وقلعتها ودورها على أهلها ولم ينج إلّا اليسير. وأمّا شيزر فانهزم حصنها على واليها تاج الدّولة ابن منقذ. وأمّا حمص فهرب أهلها منها وتلفت قلعتها. وأمّا حلب فهدّمت بعض دورها ، وتلفت سلمية وغيرها.
__________________
(١) وردت «غازون» بالزاي المشدّدة في : ذيل تاريخ دمشق ، وكتاب الروضتين.
(٢) في ذيل تاريخ دمشق ٣٤١.
(٣) كتاب الروضتين ١ / ٢٧١ ، ٢٧٢.
(٤) ذيل تاريخ دمشق ٣٤٣.
(٥) ذيل تاريخ دمشق ٣٤٣ ، كتاب الروضتين ١ / ٢٧٣.