السّلطان (١) نور الدّين قضاء دمشق ، ونظر الأوقاف ، ونظر أموال السّلطان ، وغير ذلك. فاستناب ابنه القاضي أبا حامد بحلب ، وابن أخيه أبا القاسم بحماه ، وابن أخيه الآخر في قضاء حمص. وحدّث بالشّام وبغداد.
قال القاسم بن عساكر : ولّي قضاء دمشق سنة خمس وخمسين ، وكان يتكلّم في الأصول كلاما حسنا. وكان أديبا ، شاعرا ، ظريفا ، [فكه المجلس] (٢) ، وقف وقوفا كثيرة ، وكان خبيرا بالسّياسة وتدبير الملك. وقد أنبا بحضرة أبي قال : أنبا ابن خميس فذكر حديثا.
وقال ابن خلّكان (٣) : ولّي قضاء دمشق ، وترقّى إلى درجة الوزارة ، وحكم في البلاد الشّاميّة ، واستناب ولده محيي الدّين في الحكم بحلب. وتمكّن في الأيّام النّوريّة تمكّنا بالغا. فلمّا تملّك صلاح الدّين أقرّه على ما كان عليه.
وله أوقاف كثيرة بالموصل ، ونصيبين ، ودمشق. عظمت رئاسته ، ونال ما لم ينله أحد من التّقدّم.
وقال سبط ابن الجوزيّ (٤) : قدم صلاح الدّين سنة سبعين فأخذ دمشق.
قال : وكان عسكر دمشق لمّا رأوا فعل العوامّ والتقاءهم له ، ونثره عليهم الدّراهم والذّهب ، فدخلها ولم يغلق في وجهه باب ، وانكفأ العسكر إلى القلعة ، ونزل هو بدار العقيقيّ ، وكانت لأبيه. وتمنّعت عليه القلعة أيّاما.
ومشى صلاح الدّين إلى دار القاضي كمال الدّين ، فانزعج وخرج لتلقّيه ، فدخل وجلس وباسطه وقال : طب نفسا ، وقرّ عينا ، فالأمر أمرك ، والبلد بلدك.
فكان مشي صلاح الدّين إليه من أحسن ما ورّخ ، وهو دليل على تواضعه ، وعلى جلالة كمال الدّين.
__________________
(١) في الأصل : «للسلطان».
(٢) في الأصل بياض ، والمستدرك من سير أعلام النبلاء ٢١ / ٥٩ ـ.
(٣) في وفيات الأعيان ٤ / ٢٤١ ـ.
(٤) في مرآة الزمان ٨ / ٣٤١ ـ.