دائم البذل للمال ليس له عنده وقع. ولمّا استخلف خلع على أرباب الدّولة وغيرهم ، فحكى خيّاط المخزن أنّه فصّل ألفا وثلاثمائة قباء إبريسم. وخطب له على منابر بغداد ، ونثرت له الدّنانير كما جرت العادة.
وولّي روح بن الحديثيّ قضاء القضاة ، ثمّ أمّر سبعة عشر مملوكا.
وللحيص بيص فيه :
يا إمام الهدى علوت من الجو |
|
د بمال وفضّة ونضار |
فوهبت الأعمار والأمن والبلدان |
|
في ساعة مضت من نهار |
فبما ذا نثني عليك وقد جاوزت |
|
فضل البحور والأمطار |
إنّما أنت معجز مستقلّ |
|
خارق للعقول وللأفكار |
جمعت نفسك الشّريفة بالبأس |
|
وبالجود بين ماء ونار (١) |
قال ابن الجوزيّ (٢) : واحتجب المستضيء عن أكثر النّاس ، فلم يركب إلّا مع الخدم ، ولم يدخل عليه غير قيماز. وفي خلافته انقضت دولة بني عبيد المصريّين ، وخطب له بمصر ، وضربت السّكّة باسمه ، وجاء البشير بذلك إلى بغداد ، فغلّقت الأسواق ببغداد وعلمت القباب. وصنّفت كتابا سمّيته «النّصر على مصر» وعرضته على الإمام المستضيء.
توفّي في شوّال.
قلت : رزق سعادة عظيمة في خلافته ، وخطب له باليمن ، وبرقة ، وتورز ، ومصر إلى أسوان. ودانت الملوك بطاعته. وكان يطلب ابن الجوزيّ ، ويأمر بعقد مجلس الوعظ ، ويجلس بحيث يسمع ، ويميل إلى الحنابلة.
وفي أيّامه ضعف الرفض ببغداد ووهى ، وأمن النّاس.
__________________
(١) لم ترد هذه الأبيات في (ديوان الحيص بيص) بتحقيق مكي السيد جاسم وشاكر هادي شكر (بغداد ١٩٧٤ ـ ١٩٧٥) ، كما لم ترد في خريدة القصر حيث ورد معظم شعره.
(٢) في المنتظم.