ودرّس بنظاميّة نيسابور نيابة ، واشتغل بالوعظ. وورد بغداد ووعظ بها ، وحصل له القبول التّامّ.
وكان ديّنا ، عالما ، متفنّنا.
ثمّ راح إلى دمشق سنة أربعين ، وأقبلوا عليه ، ودرّس بالمجاهديّة (١) ثمّ بالزّاوية الغزاليّة (٢) بعد موت أبي الفتح نصر الله المصّيصيّ.
وكان حسن النّظر.
ثمّ خرج إلى حلب ، وولي بها تدريس المدرستين اللّتين بناهما نور الدّين وأسد الدّين ، ثمّ مضى إلى همذان وولي بها التّدريس مدّة. ثمّ عاد إلى دمشق ، ودرّس بالغزاليّة وحدّث ، وتفرّد برئاسة الشّافعيّة.
قال القاسم بن عساكر : كان حسن الأخلاق ، متودّدا ، قليل التّصنّع. مات في سلخ رمضان. ودفن يوم العيد.
قلت : وقد ورد بغداد رسولا ، وكتب عنه : عمر بن عليّ القرشيّ ، وأبو المواهب بن صصريّ ، وأجاز للبهاء عبد الرحمن ، وللحافظ الضّياء.
وروى عنه : أبو القاسم بن صصريّ ، وتاج الدّين عبد الله بن حمّويه.
وتخرّج به جماعة.
وقيل إنّه وعظ مرّة ، فسأل نور الدّين أن يحضر مجلسه ، فحضر فشرع في وعظه يناديه كما كان يفعل البرهان البلخيّ شيخ الحنفيّة ، فقال للحاجب : اصعد إليه ، وقل له لا تخاطبني باسمي.
فسئل نور الدّين عن ذلك فيما بعد. فقال : إنّ البلخيّ كان إذا قال يا محمود قامت كلّ شعرة في جسدي هيبة له ، ويرقّ قلبي ، والقطب إذا قال يا محمود يقسو قلبي ويضيق صدري. حكاها سبط ابن الجوزيّ (٣) ، وقال : كان
__________________
(١) انظر عنها في : الدارس في تاريخ المدارس ١ / ٣٤٧ ، ومنادمة الأطلال ١٤٦ ، ١٤٧ ـ.
(٢) انظر عنها في : الدارس في تاريخ المدارس ١ / ١٣٦ و ٣١٣ ـ.
(٣) في مرآة الزمان ٨ / ٣٧٢ ـ.