احتياج الثانى الى المؤثر وانما يلزم ذلك أن لو لم يكن الثانى حال البقاء أولى بالوجود وهو ممنوع. فان عندنا الممكن حال (٥٧ ـ ب) البقاء أولى بالوجود ، وتلك الأولوية مانعة من احتياجه الى المؤثر والحاصل أنهم يمنعون كون الامكان علة تامة للحاجة الى المؤثر.
«قال : لأنا نقول هذه الأولوية المستغنية عن المرجح ان كانت حاصلة حال الحدوث وجب الاستغناء عن المؤثر حال الحدوث الى آخره : «أقول : هذا الجواب فى الظاهر كالكلام على المستند لكن نوجهه ونقول : تلك الأولوية اما أن تكون مانعة من الحاجة الى المؤثر أو لم تكن ، أو انما كان يلزم احتياج الباقى الى المؤثر حال البقاء أما اذا لم تكن مانعة فلما ذكرنا من الدليل السالم عن مانعية تلك الأولوية أما اذا كانت مانعة فلأن تلك الأولوية المانعة عن الحاجة الى المؤثر اما أن تكون حاصلة حال الحدوث أو لم تكن. فالأول باطل ؛ والا لزم استغناء الممكن عن المؤثر حال الحدوث عملا بالمانع ، فتعين الثانى واذا لم تكن حاصلة حال الحدوث فهى أمر حصل حال البقاء ولولاه لما حصل الاستغناء الموجب لاستمرار الباقى. فالباقى حال بقائه فى استمراره محتاج الى المؤثر والعلة فوجب استمراره وبقاؤه ولا معنى لاحتياج الباقى الى المؤثر الا ذلك.
«قال : احتجوا بأن المؤثر حال بقاء الأثر اما أن يكون له فيه تأثير أم لا ؛ الى آخره».
«أقول : تقرير هذا السؤال أن يقال لو افتقر الباقى حال بقائه الى المؤثر فالمؤثر اما ان يكون له فيه تأثير أو لا يكون وكلاهما محالان. أما الأول فلأن التأثير يستدعى حصول أثر فالأثر الحاصل منه اما أن يكون هو الوجود الّذي كان حاصلا قبل ذلك واما أن يكون أمرا جديدا.
الأول محال لامتناع تحصيل الحاصل. والثانى أيضا محال لأنه حينئذ يكون تأثير المؤثر فى أمر جديد لا فى الباقى. وقد فرضنا انه أثر فى الباقى هذا خلف وأما الثانى وهو أن لا يكون فيه تأثير فهو أيضا باطل لأنه حينئذ لا يكون هناك