له والوجود عرضى والذاتى سابق على العرضى سبقا ذاتيا. ثم بينا ان الجائز مستحق العدم باعتبار ذاته لو لا موجده فكان مسبوقا بوجوده ومسبوقا بعدم ذاته لو لا موجده لأن استحقاق وجوده عرضى مأخوذ من الغير واستحقاق عدمه ذاتى مأخوذ من ذاته فهو اذن مسبوق بوجود واجب ومسبوق بعدم جائز فتحقق له أول» (١٥).
«ان الممكن معناه أنه جائز وجوده وجائز عدمه لا جائز وجوبه وجائز امتناعه. وانما استفاد من المرجح وجوده لا وجوبه. نعم لما وجد ، عرض له الوجوب عند ملاحظة السبب لأن السبب أفاده الوجوب حتى يقال وجد بايجاده ثم عرض له الوجوب بل افاده الوجود فصح ان يقال وجد بايجاده وعرض له الوجوب فانتسب إليه وجوده اذ كان ممكن الوجود لا ممكن الوجوب» (١٦).
«ان الامكان من حيث هو امكان ليس يستدعى مادة وسبقه على الموجود الحادث ليس الا سبقا فى الذهن سميتموه سبقا ذاتيا.
«ونقول : ان كل حادث حدوثا زمنيا أو حدوثا ذاتيا على أصلكم (الفلاسفة) فانه يسبقه امكان الوجود فان الموجود المحدث قد تردد بين طرفى الوجود والعدم وهذا التردد والسبق والامكان كله يرجع الى تقدير فى الذهن والا فالشيء فى ذاته على صفة واحدة من الوجود لكن الوجود باعتبار ذاته انقسم الى ما يكون وجوده لوجوده هو له لذاته أى هو غير مستفاد له من (٣٥) غيره. فيقال الوجود أولى به والى ما يكون وجوده لوجود هو له من غيره ؛ فيقال الوجود ليس أولى به ولا أول ؛ وهذا الوجود لم يتحقق الا أن يكون له أول مسبوق بوجود لا أول له ؛ ويكون له فى ذاته امكان الوجود يعبر عنه بأنه مسبوق بامكان الوجود لا أنه وجود يسبقه امكان الوجود بل الوجود فى ذاته وجود الممكن ؛ فقد وجد هاهنا سبقان : أحدهما سبق وجود الموجود والثانى سبق امكان الوجود» (١٧).
__________________
(١٥) نفس المصدر ٤.
(١٦) نفس المصدر ٢١.
(١٧) نفس المصدر ٣٤ ـ ٣٥.