للماهية تقدم على الوجود معناه أن الماهية لها ثبوت أو وجود بنوع ما من الوجود حتى يثبت لها السبقية والتقدمية على الوجود وحينئذ لا تحتاج الماهية الى الوجود مرة ثانية لأن الموجود لا يحتاج الى الوجود لأن يكون موجودا وهو تحصيل الحاصل على اصطلاح الفلاسفة والمتكلمين. ولذلك فالماهية ليس لها سبقية على الوجود على خلاف ما يقوله المستشرقون فى تسميتهم ابن سينا بالداعى الى نظرية تقدم الماهية أو صاحب نظرية تقدم الماهية (باللغة التركية الماهيتجى) Essentialist وبهذا يظهر انهم لم يعرفوا الفارابى ولا ابن سينا على ما هما عليه من النظرية الفلسفية وهما لا يقدمان الوجود على الماهية كذلك ، لأنه على ذلك يكون الشيء الموجود أو الوجود نفسه ؛ اذا وجد دون ماهية فارغا عن المعنى والمفهوم ؛ ويكون الوجود نفسه قائما بالوجود نفسه وهذا ينجر الى وحدة الوجود فالفارابى وابن سينا لا يقولان بهذا ولكن الفارابى وابن سينا عند ما يقولان بغيرية الماهية للوجود ولا يطبقان هذه القاعدة على الموجودات كلها وانما يقولان الماهية غير الوجود فى الأشياء أو الموجودات الممكنة وهذا هو الشرط الأول.
والثانى هو ان هذا التفريق بين الماهية والوجود لا يوجد فى الأعيان وانما هو فى الذهن فقط. وبمعنى آخر عند ما يتصور الانسان الأشياء أو الموجودات الممكنة يستطيع أن يتصور ان لها ماهيات مفارقة لوجودها وان وجودها غير ماهيتها فى الذهن واما اذا وجدت الموجودات الممكنة فى الخارج فلا يوجد وجودها مفارقا لماهيتها ولا منفصلا ولا منفردا عنها وانما يوجدان معا متحدان دون أى تفريق وتمييز بينهما.
واما فى واجب الوجود فانه لا يمكن تصور التفريق بين ماهيته ووجوده عند الفارابى وابن سينا. ولذلك يقولان ليس لواجب الوجود ماهية وانما له الآنية وهى تأكيد الوجود أو له الوجود الخاص أو بتعبير آخر وجوده وماهيته شيء واحد ؛ وجوده عين ماهيته وماهيته عين وجوده الخاص به. ولا يقال عندهما ماهية الواجب الوجود. واما عند المتكلمين فانهم يفرقون بين الماهية والوجود فى الواجب الوجود والممكن الوجود.