وليس الوجود صفة موجودة. فان ذلك يقتضي ثبوت وجود الوجود ويتسلسل ولا يلزم من سلب صفة الوجود عن الوجود ثبوت العدم له أو ثبوت الواسطة فان ذلك انما يلزم بملاحظة نفى الوجود أو العدم أو سلبهما مع مفهوم الوجود وحين نلاحظ نفس الوجود لا مع ملاحظة الغير لم يلزم ذلك ولا يلزم من ذلك كون الألوان والحركات فى محل غير موجود. فان كون الوجود حالا فى محل غير موجود ليقتضى كون اللون والحركة حالين فى محل غير ملون ولا متحرك وظاهر ان جميع ما قاله فى هذا الموضع خبط لا يليق ايراده بأمثاله (٢١).
وهذا اذا راجعنا التعليقات المنسوبة الى ابن أبى الحديد حيث يقول فيها : «فالاشكال على ان وجود السواد ان كان هو كونه سوادا كان قولنا السواد ليس بموجود جاريا مجرى قولنا : السواد ليس بسواد وهذا متناقض وان كان وجوده زائدا (على الماهية) من وجوه : منها انه يلزم قيام الوجود الّذي هو صفة موجودة بالماهية المعدومة وهو محال. ومنها ان سلب الوجود عن ماهية السواد لا يمكن الا اذا تميز السواد عن غيره. وكل ما يتميز عن غيره فله تعين فى نفسه وكل ما له تعين فى نفسه فله ثبوت فى نفسه. فالسواد لا يمكن سلب الثبوت عنه اذا كان ثابتا فى نفسه ويكون حصول الوجود له شرطا فى سلب الوجود عنه هذا خلف. ومنها انا سنقيم دلالة فى مسئلة ان المعدوم ليس على امتناع خلو الماهية عن الوجود وعلى هذا يستحيل الحكم على الماهية بالعدم. فظهر انه ليس لقولنا السواد موجود ، السواد معدوم ، مفهوم محصل. فامتنع صحة التصديق بأن السواد اما أن يكون موجودا أو معدوما (٢٢).
شرح الكاتب القزوينى :
«قوله : لأن السواد حينئذ يكون معدوما والا لعاد البحث فيه ولكان الواحد موجودا مرتين. قلنا : لا نسلم وانما يلزم ذلك ان لو كان موجودا بوجود مغاير لهذا الوجود ، اما اذا كان موجودا بهذا الوجود فلا يلزم شيء مما ذكرتموه وعندنا
__________________
(٢١) المحصل ١٦ (متن والهامش).
(٢٢) تعليقات ابن ابي الحديد على المحصل ١١٢ ـ ب جامعة استانبول برقم ٣٢٩٧.