«والرجل (يقصد الرازى) حاطب ليل وكان غرضه التصنيف لا التحقيق. ومن نظر فى مصنفاته بعين الانصاف لا بعين الهوى والعصبية علم بعدها على التحقيق وانه كان يجمع اضغاثا من كل نوع ويقولها ولا يبالى لعلمه بالسعادة الشاملة والصيت المنتشر عنه أصاب أم أخطأ» (وتكلمنا نحن عليه فى نقض الأربعين) (٥٩).
«أقول : ان هذا الرجل له عادة أن يورد الأدلة غير موضعها وأنا أوضح ذلك فى هذا الموضع» (٦٠).
«ثم حكى شبهة لمن نفى كون البارى مريدا وهى انه اما أن يريد الشيء لغرض والأول يقضى الى كونه تعالى مستكملا بذلك الغرض. والثانى عبث وأجاب ، فقال أراد (ة) الله تعالى منزهة عن الأغراض بل هى واجبة التعلق بايجاد ذلك الشيء فى ذلك الوقت بذاتها» (٦١).
«أقول : هذا تصريح بأنه تعالى موجب بالذات لا فاعل بالاختيار لأنه لا يتمكن من فعل ما يخالف مقتضى الإرادة القديمة الواجبة التعلق بايجاد الأشياء فى أوقاتها فيكون تعالى كالملجإ الى تلك الأفعال المسلوب التخير والتمكن منها وقد شرحت هذا الموضع فى الرسالة الشرقية فى كشف الفلسفة الحقية شرحا لا مزيد عليه» (٦٢).
فابن أبى الحديد فى نقده اللاذع كأنه مملوء بالحقد وأنه ينتقم من الرازى ويظهر تحامله على الخصم. وتعصبه للاعتزال بصورة ما كان له حاجة الى نقده ذلك النقد غير العلمى. وهناك نقد علمى لا شك فيه وكذلك نقد موجه الى المنهج
__________________
(٥٩) ٤٥٢ ـ ١.
(٦٠) ٤٥٨ ـ ب.
(٦١) المحصل ، قوله المريد اما ان يرجع لفرض او لا لفرض قلنا ارادة الله تعالى صفة منزهة عن الاغراض. بل هي واجبة التعلق بذلك الشيء في ذلك الوقت بذاته. ص ١٢٣ مصر ١٣٢٣.
(٦٢) المخطوطة ٤٦٢ ـ ١ في الاصل «الرسالة الشرفية» بالفاء.