الأقدام عن سواء الطريق بحيث لا يوجد راغب فى العلوم ولا خاطب للفضيلة وصارت الطباع كأنها مجبولة على الجهل والرذيلة. اللهم الا بقية يرمون فيما يرمون رمية رام فى ليلة ظلماء ويخبطون فيما ينحون نحوه خبط عشواء ولم تبق فى الكتب التى يتداولونها فى علم الأصول عيان ولا خبر ولا فى تمهيد القواعد الحقيقية عين ولا أثر ، سوى كتاب المحصل الّذي اسمه غير مطابق لمعناه وبيانه غير موصول الى دعواه وهم يحسبون انه فى ذلك العلم كاف وعن أمراض الجهل والتقليد شاف.
الحق أن فيه من الغث والسمين ما لا يحصر. والمعتمد عليه فى اصابة اليقين بطال لا يحظى بل يجعل طالب الحق بنظره فيه كعطشان يصل الى السراب رأيت أن أكشف القناع عن وجوه أبكار مخدرات وأبين الخلل فى مكان شبهاته وادل على غثه وسمينه وان كان ..
وقوم فى نقض قواعده وجرحه ولم يجر أكثرهم على قاعدة الانصاف ولم تخل بياناتهم عن الميل والاعتساف واسمى الكتاب «تلخيص المحصل» (٦٣).
عند ما يقرأ الانسان تلخيص المحصل يرى أن ما قاله صاحبه يوافق أقواله فى المتن أثناء الشرح وان كان مخالفا فى مذهب المصنف فسيلاحظ القارئ تقديره للمصنف حتى فى نقده وفى هذا يخالف ابن أبى الحديد فى تحامله على المصنف وهو ممن سبق الطوسى فى الكتابة على المحصل وصدق الطوسى فى قوله فى المقدمة بالاعتساف والانصراف عن قاعدة الانصاف. لقد أشار الى من خادعه سواء السبيل والمنهج العلمى ولنكتف بهذا عن تلخيص المحصل لأنه لا يمكن أن يأتى الانسان على كل صغيرة وكبيرة فى الشرح من اصابة فى النقد واصابة فى التأكيد.
ان نصير الدين الطوسى فرغ من تحرير شرحه سنة ٦٦٩ وهى موجودة فى
__________________
(٦٣) المحصل (الهامش) ص ٢ ، مصر ١٣٢٣ وهو مطبوع في مصر موتين مع المحصل مرة ١٢٤٢ ه ومرة دون تاريخ وطبع مع المحصل ايضا في طهران ١٩٨٠ ، ومع ذلك يحتاج الطبع الى التحقيق.