يحرز وجه العمل وهو العمدة إذ بدونه لا يمكن استكشاف وجه خاص فإن العمل الواحد قابل لوجوه عديدة والافعال مسلوبة الدلالة على جهة خاصة ولذا قالوا في باب التأسي كما يأتي إنشاء الله :
(إن فعل المعصوم إنما يكون حجة إذا علمنا بوجهه الذي أوقعه عليه) فنظره (ع) إلى امرأة أو أكله شيئا لا يثبت جواز ذلك في حقنا لاحتمال وقوعه في حقه عن ضرورة أو محرمية فلو نظر جماعة منا إلى امرأة لا يكشف عن جواز النظر إليها في حق غيرهم لجواز أن تكون زوجة لأحدهم وأمّا لآخر واختا لثالث وهكذا .. ومن هذا لا يجوز استناد حجية أخبار الكتب الاربعة الى عمل الأصحاب بها قديما وحديثا بعد احتمال اختلافهم في الوجه فيعمل واحد لقطعيتها صدورا أو دلالة أو صدورا ودلالة أو عملا أو صدورا وعملا أو لكونها آحادا محفوفة بقرائن قطعية أو لإفادتها الظن الشخصي أو النوعي أو من جهة الانسداد وهكذا فلا يحرز عنوان العمل ، ومجرد استكشاف الحجية لا يجدي بعد بنائه في مذهبه على جهة خاصة.
هذه هي الشروط التي ذكروها لحجية السيرة ، والواجب إضافة أمر آخر وهو عدم كون عملهم عن إكراه فاجتماع الشيعة على مثل صلاة الجمعة في بلاد العامة لا يكشف عن وجوبها إلا أن يدرج في الشرط الثالث.
والحاصل إن اعتبار سيرة العلماء والمسلمين إنما هو لأجل كشفها عن تقرير المعصوم (ع) ويشترط فيه كما قرر في محله علمه (ع) بما جرت عليه سيرتهم وكون علمه على سبيل العادة المتعارفة دون طريق الاعجاز وكشف المغيبات وتمكنه من الردع واحتماله (ع) لارتداع الفاعل عند ردعه (ع) عن ذلك الفعل.