الحرام عند الأول على خلاف القواعد قد ثبت بدليل خارجي زاعما بان الخطابات الشرعية مسوقة لبيان الكبريات خاصة من غير نظر فيها إلى احراز الصغريات فلا بد حينئذ في ترتيب كبرياتها على صغرياتها من إحراز الصغريات من الخارج بطريق العلم أو الظن المعتبر فمع الشك فيها كما هو الفرض في المقام تسقط تلك الخطابات فيحكم بجواز ارتكاب المحتملات عملا بالبراءة السليمة عن المعارض لكنه لما ثبت بدليل من خارج وجوب الاجتناب عن الحرام أو النجس فيجب ابقاء ما يساوي الحرام حذرا عن المخالفة القطعية لهذا الدليل وإلا فلولاه لكان المتجه جواز ارتكاب الجميع وعند الثاني إنه على طبق القاعدة زاعما بانه عموم أدلة البراءة يقضي بجواز ارتكاب الجميع وقوله اجتنب عن النجس مثلا يقضي بوجوب الاجتناب عن النجس فيعمل بعموم الأول إلى ان يلزم مخالفة الثاني فيحكم بعدم الجواز فرارا عن المخالفة وبتقرير آخر أن في ذلك جمعا بين الدليلين وذلك بعينه نظير مسلكه في العام المخصص بالمجمل مثل قوله «اقتلوا المشركين إلا بعضهم» حيث قال بحجية وعدم سراية اجمال المخصص اليه خلافا للمشهور نظرا إلى ان العموم المذكور ينطق بوجوب قتل كل مشرك فيعمل بمقتضاه إلى أن يلزم طرح قوله إلا بعضهم فيجب حينئذ ابقاء واحد منهم لأنه أقل ما يصدق عليه البعض لئلا يلزم مخالفة ذلك الخطاب بل ويقتل الباقي عملا بالعموم الناطق ولعل هذا هو الوجه فيما ذهب اليه من عدم وجوب الفحص عن المعارض والمخصص وكيف كان فهما وإن كان قد تخالفا في المدرك إلا أنهما متفقان في الحكم والنتيجة وهو وجوب ابقاء ما يساوي الحرام وجواز الارتكاب ما عداه بل قد نسب ذلك إلى المحقق الأردبيلي وجماعة ممن تبعه كالسبزواري والبحراني وصاحب المدارك