ونحن لا نمنع أن الشارع يبيح ترك إطاعة التكليف حتى المعلوم بالإجمال لشئون خاصة كالحرج ونحوه فإنه عند ذا يكون ذلك أما من قبيل التخصيص أو التقييد أو من قبيل النسخ أو من قبيل التكاليف الغير الواصلة كالتكاليف في أول البعثة لكن محل كلامنا فيما لو خلي التكليف وطبعه من دون تصريح من الشارع بإلغائه فإن محل الكلام هل أنه يرفع اليد عنه وإن التصريح الذي يكون عمومه وإطلاقه بخلافه يوجب رفع اليد عنه كما في أدلة البراءة بالنسبة لأطراف العلم الاجمالي أو أنه يكون من قبيل المناقض له والمضاد له نظير المتعارضين فيتساقطان أو يجمع بينهما بظاهرية أو أظهرية أو حكومة أو ورود أو يرجح أحدهما على الآخر إلى غير ذلك مما يذكر في باب علاج المتعارضين وبهذا ظهر لك أن العلم الاجمالي علة تامة لحرمة المخالفة القطعية. وتوهم أنه لو كان كذلك لما جازت المخالفة القطعية في الشبهة الغير المحصورة باطل فإنا أيضا لم نجوزها ونلتزم بأنه لا بد من ترك بعض أطرافها بمقدار المعلوم بالاجمال فاسدة : فإن التكليف إنما يجب امتثاله إذا توجه إلينا ولا يتوجه إلينا إلا إذا وصل الينا ولا يصل إلينا إلا إذا علم به وعلم بتحقق موضوعه أما لو علم به ولم يعلم بثبوت موضوعه فلم يصل إلينا وفي صورة العلم الاجمالي وإن كان التكليف قد علم به ولكنه في كل واحد من أطراف العلم الاجمالي لم يعلم بتحقق موضوعه فلم يصل إلينا في كل واحد منها وليس الأدلة التكاليف عموم أو إطلاق بالنسبة لحالتي العلم والجهل لأنها من الطوارئ على التكليف الحادثة بعده.
ولا نسلم أن جعل الحكم في أطراف العلم الاجمالي يكون ترخيص في المعصية بل هو عين المتنازع فيه حيث أنه إنما يكون كذلك لو