إن قلت إن الاخبار الدالة على جواز ارتكاب الشبهة المحصورة يعارضها ما عن النبي (ص) «ما اجتمع الحلال والحرام إلا غلب الحرام الحلال».
والمرسل «اتركوا ما لا بأس به حذرا عما به البأس» وضعفها ينجبر بالشهرة المحققة والاجماع المنقول على حرمة ارتكاب أطراف الشبهة المحصورة وبمثل رواية ضرير عن السمن والجبن في أرض المشركين قال : «أما ما علمت أنه قد خلطه الحرام فلا تأكل وما لا تعلم فكل».
فإن الخلط يصدق عند الاشتباه كما في الشبهة المحصورة ، وبرواية ابن سنان كما في رسائل الشيخ أو عبد الله بن سليمان كما في الدرة النجفية «كل شيء حلال حتى يجيئك شاهدان إن فيه الميتة». ولا ريب إن الشبهة المحصورة التي يعلم إجمالا أن أحد أطرافها ميتة يكون فيها الميتة وبرواية اسحاق بن عمار يشتري منه ما لا يعلم أنه ظلم فيه أحدا. وبحديث التثليث وهو قوله (ص) «حلال بين وحرام بين وشبهات بين ذلك فمن ترك الشبهات نجا من المحرمات ومن أخذ بالشبهات وقع في المحرمات وهلك من حيث لا يعلم». وبمثل صحيح عبد الرحمن في جزاء الصيد : «إذا أصبتم مثل هذا ولم تدروا فعليكم بالاحتياط حتى تسألوا».
قلنا أما النبوي الأول ففي بعض الروايات له «الأغلب الحلال الحرام» فيكون على مطلوب الخصم أدل وقراءة الحلال بالنصب ليكون مفعولا مقدما ، والحرام بالرفع ليكون فاعلا مؤخرا حتى ينطبق على الرواية الأولى ليس بأولى من العكس بأن يقرأ في الرواية الأولى الحرام بالنصب مفعولا مقدما والحلال فاعلا مؤخرا.