قد يقال إن نقل الأدلة الدالة على وجوب إيصال الاحكام إلى العباد قاضية بوجوبه في خصوص مورد الاجماع ، بل في المستفيض عنهم أن الأرض لا تخلو إلا وفيها عالم إذا زاد المؤمنون شيئا ردهم إلى الحق وإن نقصوا شيئا تممه لهم ولو لا ذلك لالتبس عليهم أمرهم ولم يفرقوا بين الحق والباطل ، وعن علي (ع) بطرق : ـ «اللهم إنك لا تخلي الأرض عن قائم بحجة أما ظاهر مشهور أو خائف مغمور لئلا يبطل حجتك وبيناتك «وفي عدة أخبار في تفسير قوله «إنما أنت منذر ولكل قوم هاد» إن المنذر رسول الله (ص) وفي كل زمان إمام منا يهديهم إلى ما جاء به النبي (ص) ، وعن أبي عبد الله (ع) أنه قال : «ولم تخل الارض منذ خلقها الله من حجة له فيها ظاهر مشهور أو غائب مستور ولم تخل إلى أن تقوم الساعة ولو لا ذلك لم يعبد الله قيل كيف ينتفع الناس بالغائب المستور قال كما ينتفعون بالشمس إذا سترها السحاب» إلى غير ذلك من أخبار الباب بل أن الحكمة الداعية إلى تشريع الحكم وبعث النبي ونصب الوصى داعية إلى ذلك أيضا ومثل إن الغرض من نصب المعصوم في كل وقت تبليغ الحكم إلا اذا قدّر عدم إمكان التبليغ في حقه بطل هذا الغرض. وهذا المسلك لا يتم إلا عند الشيعة الذين يقولون بأنه في كل عصر إلى يوم القيامة يوجد إمام له إما ظاهر أو مستور وإما عند أهل السنة فهو لا يتم إلا في زمن الرسول وخلاصة هذا المسلك يرجع لوجوه :
الأول : قاعدة اللطف.
الثاني : إن سكوت الامام مع وجوده يكون تقريرا لهم وتوضيح ذلك إنهم لما أجمعوا على الحكم للمسألة فلا بد اطلع المعصوم على إجماعهم لأنه المتولى لشئونهم ومع ذلك سكت ولم يمنعهم فيكون سكوته