على الواقع لعموم أدلة رجحان الاحتياط عقلا لحسنه لأنه أقرب الطرق لحصول الواقع ونقلا للأخبار المتظافرة على حسنه مطلقا وما وقع من الكلام في صحته في بعض الموارد إنما هو من جهة عدم إحراز موضوعه فيها كما في العبادات اذا شك في حكمها أو حكم أجزائها فإنه قد يقال بل قد قالوا بعدم تحقق الاحتياط فيها لأنه يعتبر في صحتها وسقوط التكليف بها من نية وجه فعلها من وجوبها أو استحبابها وما دامت مشكوكة الحكم لا يقدر على نية الوجه فلا بد من الفحص ومن معرفة حكمها من وجوب أو استحباب ليأتي بنيته فالاحتياط فيها بالتكرار أو إتيان الجزء المشكوك لم يكن موجبا لاحراز الواقع فلم يتحقق موضوعه فيها وكما في العبادات قبل الاجتهاد أو التقليد في معرفة حكمها فانه قد قيل بل قد قالوا ببطلان عبادات تارك الطريقين حتى لو قلنا بعدم اعتبار نيّة الوجه وعلم بمطابقتها للواقع إجمالا.
ولكن لا يخفى عدم اعتبار نية الوجه في العبادات ولذا يرى العقل والعقلاء أن الآتي بالعمل امتثالا لحكمه الواقعي مطيعا لمولاه وان لم يشخص الحكم الواقعي ولم يعرف انه الوجوب أو الاستحباب بل يكفي قصد التقرب لله تعالى ولا دليل على اعتبار نية الوجه في الاطاعة لا عقلا ولا شرعا سوى ما يحكى عن المتكلمين من اتفاقهم على اعتباره وما يحكي عن السيد الرضي (ره) من دعوى إجماع أصحابنا على بطلان صلاة من صلى صلاة لا يعلم أحكامها وعن أخيه المرتضى (قده) تقريره على ذلك في مسألة الجاهل بالقصر. فهو اجماع منقول لا يعتمد عليه لعل مستنده توهم توقف صدق الإطاعة عليه أو قيام دليل خاص عليه وهما ممنوعان : ـ
أما الأول فلما عرفت من صدق الإطاعة عقلا وعرفا على من يأتي