استصحاب الحكم السابق لأنه ليس الشك شكا في بقائه وانما هو شك في موضوع جديد فالميزان نظر العرف الى موضوع التكليف وإنه واحد بوحدة توجب عدم تعدده وتنوعه وان كان بحسب الشرع ودقة العقل متعدد ومتنوع.
والمحكي عن المرحوم الشيخ الجليل الشيخ عبد الكريم القمي (ره) بتوضيح منا حيث لم تحضرني درره أنه لا معارضة بين الاستصحابين فان فرض الكلام أن العرف يرى أن موضوع التكليف باق وان التغير الذي طرأ عليه لم يؤثر على بقائه فتدل أخبار الاستصحاب على بقائه في ثاني الحال وحينئذ فيستفاد من دليل التكليف بضميمة أدلة الاستصحاب بقاء التكليف المطلق الغير المقيد بالحال الأول ولا بالحال الثانية فيكون في المثال المتقدم وجوب الجمعة مطلقا سواء قبل الغيبة أو بعدها والاستصحاب العدمي إنما هو بالنظر للتكليف بعد تغير الحالة السابقة فإن التكليف المقيد بما بعد تلك الحال كان معدوما في الأزل فنستصحب عدمه وهذا الاستصحاب إنما يقتضي رفع التكليف المقيد وهو لا ينافي ثبوت التكليف المطلق فإن وجوب الجمعة بقيد أنه بعد الغيبة وبخصوصية أنه بما بعد الغيبة ليس بموجود وانما الموجود هو وجوب الجمعة مطلقا قبل الغيبة وبعدها فالاستصحابان جاريان ولا معارضة بينهما.
إن قلت لا وجه لاستصحاب الأحكام الشرعية لأن الاستصحاب إنما يعمل به حيث لا نص على الحكم الشرعي وقد ثبت بواسطة تواتر الأخبار بأن كلما تحتاج اليه الأمة ورد فيه خطاب شرعي حتى أرش الخدش.
قلنا انه قد ثبت انه كثير ما ورد مخزون عند أهل الذكر (ع).
إن قلت تواترت الأخبار بحصر المسائل بالنسبة إلى الأحكام الشرعية في ثلاثة أقسام بين رشده ، وبين غيه ، ومشتبه أمره يتوقف فيه.