منها قوله لا يجد المولى من نفسه انه أنشأ انشاءين.
قلنا نعم أنه أنشأ إنشاءين أحدهما إنشاء العلقة والربط بين المجيء وبين الوجوب والثاني طلب الاكرام عند المجيء غاية الأمر أنه كان بخطاب واحد ولا ضير فيه بعد ما كان دلالة الخطاب على أحدهما وهو التكليف بالمطابقة وعلى الآخر وهو الحكم الوضعي بالالتزام فيكون الآخر مجعولا للشارع جعلا أصليا لا انتزاعيا ولكن استفادته من الخطاب بالتبع وبالدلالة الالتزامية نظير ما ذكروه في قوله تعالى (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) من دلالته على الصحة التي هي الحكم الوضعي بالالتزام فاستفادة الحكم الوضعي من الخطاب المذكور وان كانت تبعية إلا أن ذلك لا يقتضي أن يكون المستفاد أيضا تبعيا بل المستفاد أيضا أصليا بل يمكن أن يكون كلاهما بالمطابقة بأن يقال أن التكليف مستفاد من الامر والحكم الوضعي مستفاد من التقييد بالدلوك وبالمجيء في المثالين المتقدمين فيكون الخطاب من قبيل الدالين على مدلولين.
ومنها قوله (واما الصحة والفساد) ففيه أن ما ذكره إنما يتوجه إلى تفسير المتكلمين لهما بذلك وأما بناء على تفسير الفقهاء الصحة عن اسقاط القضاء والفساد عن عدمه فيمكن دعوى تعلق الجعل بهما إذ هما بهذا المعنى ليسا من الأمور العقلية لا تتغير ولا تتبدل بجعل الجاعل ولا بالأمور المنتزعة من أمر آخر بل هما مما للشارع التصرف فيهما بأن يحكم بسقوط القضاء وإن لم يأت المكلف بالمأمور به كما في صلاة العيدين والجمعة كما للشارع أن يجعل الفعل المأتي به المخالف للمأمور به الواقعي مسقطا له بناء على أجزاء الأوامر الظاهرية عن الواقعية كما لو صلى باستصحاب الطهارة مع فقدها في الواقع ونظير ذلك بذل المتبرع دين غيره أو صداق زوجة غيره فانه مسقط لوجوب الأداء عليه.