قد ثبت الملزوم وهو مدلول الامارة فيثبت لازمه وهو بقاؤه عند الشك فيه.
إن قلت ان الملزوم لو كان هو الثبوت لوجود الحكم صح ما ذكر لكن الملزوم هو نفس وجود الحكم لأن اليقين كما ذهب إليه الخصم أريد به نفس المتيقن الذي هو الوجود الواقعي له وبهذا أيضا نلتزم في وجوب الإفطار والقصر فإنه إن كانت الملازمة بين نفسهما وقلنا يجعل الحجية لم يكن قيام الأمارة على الملزوم منهما مثبتا للازمه.
وإن قلنا إن الملازمة بين الثبوت للملزوم وبين نفس اللازم يثبت بأمارة ذلك.
قلنا لما تحققت الملازمة بين نفسيهما أعني بين وجود الحكم وبين بقائه عند الشك فما كان ينجز الملزوم منهما على تقدير تحققه ينجز لازمه على ذلك التقدير للملازمة بينهما ومقتضى ذلك اشتغال الذمة بهما وعدم المعذورية لو صادفت الأمارة الواقع والمعذورية عند مخالفتها.
نعم على هذا يكون العمل بالبقاء من باب الاحتياط لأن بقاء الحكم كان محتملا وانما وجب امتثاله لأن احتماله يكون احتمالا منجزا نظير احتمال الحكم قبل الفحص.
والحق ان يقال أن الظاهر من أدلة الاستصحاب أن المراد باليقين فيها هو الحجة سواء كانت يقينا أو إمارة أو أصلا وليس المراد به هو الصفة الخاصة الوجدانية والمراد بالشك هو عدمها والدليل على ذلك هو فهم المتشرعة منها ذلك فإنهم لم يتوقفوا في جريان الاستصحاب عند قيام الامارة أو الأصل على وجود الحكم أو الموضوع عند الشك في البقاء مضافا إلى أنه لو أريد باليقين الصفة الوجدانية لم يكن للاستصحاب مورد وان وجد فهو في غاية القلة لأن اليقين بالأحكام المشكوك بقاؤها لا يكاد يوجد وإن وجد فهو في غاية القلة وهكذا الموضوعات المذكورة فيها كالوضوء وطهارة الثوب المعار للذمي فإن اليقين بها لا يكاد يوجد وانما تقوم الحجة عليها.